ولما ظهروا لقتال جالوت (أمير العمالقة) وجنوده، قالوا: ربنا صبّرنا كثيرا، وثبتنا وقوّنا على الجهاد وعدم الفرار، وانصرنا على أعدائنا الكفار: جالوت وجنوده، ومدّنا بالعون حتى نتغلب عليهم.
فاستجاب الله دعاءهم، وهزموا العمالقة بأمر الله وإرادته، وقتل داود بن إيشا- أحد جنود عسكر طالوت- جالوت الجبار الكافر، وأعطى الله داود النبوة وهي الحكمة، وجعله ملكا على بني إسرائيل أثناء حياة طالوت، بعد أن كان راعيا، وعلّمه ربه من علومه، كصناعة الدروع، ومعرفة منطق الطير. ولولا مدافعة بعض الناس ببعضهم، ومقاومة الأشرار، لتغلب المفسدون، وقتلوا المؤمنين، وأهلكوا الحرث والنسل والناس الآمنين، ولكن الله صاحب الفضل على العالمين، يتولى رعايتهم وحفظهم.
هذه آيات الله في هذه القصة، نقصّها عليك أيها النبي بالحق: وهو الخبر الصحيح من غير زيادة ولا نقصان ولا تحريف، وإنك يا محمد النبي: من جملة رسل الله، يأتيك وحي الله تعالى، وتخبر به الناس، وهذا تقوية لقلبه وإيناس وتثبيت لشأنه.
[درجات الأنبياء وموقف الناس من رسالاتهم]
ليس كل الناس على درجة أو مرتبة واحدة، وإنما يتفاوتون في درجاتهم ومراتبهم عند الله وعند الناس بمقدار قيامهم بالواجب، وتفانيهم في أداء الحق، والتزامهم أوامر الله، وتباينهم في العمل الصالح.
وشاءت حكمة الله أن يتفاوت الأنبياء والرسل أيضا في الدرجات بمقدار تضحياتهم وتفاوت آثارهم أو تأثيراتهم في الحياة الإنسانية، فكان ذلك سببا في تفضيل بعض الأنبياء على بعض، بتخصيصه بمفخرة ليست لغيره، وأفضل الرسل: