للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أصول الإنفاق]

المال أمانة في يد الإنسان، يتردد بين الدخل والنفقة، وكما أن الحصول على المال أمر صعب غير يسير، لأنه يتطلب الكسب المشروع الحلال، كذلك الإنفاق ليس أمره هينا، فمن السهل جمع المال، ولكن من الصعب المحافظة على المال أو ادخار ثواب إنفاقه على المحرومين، فالإنسان ابن مجتمعة، يقصده المحتاجون إن كان موسرا غنيا، ويتطلع إلى ما ائتمنه الله عليه الفقير المسكين، وينبغي أن يكون الإنفاق ضمن أصول معينة:

الأصل الأول- الإنفاق من الطيب (أي الجيد الحسن) وعدم إعطاء الرديء أو الخبيث، قال الله تعالى:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٦٧]]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٢٦٧)

«١» «٢» [البقرة: ٢/ ٢٦٧] . فلا يصح للمتصدق سواء في الزكاة المفروضة أم في التطوعات المالية أن يتعمد إعطاء الفقير الخبيث الرديء، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وليس من الأدب أو الإحسان أن يجعل الإنسان لله ما يكره من المال.

وسبب نزول هذه الآية ما

قال جابر: أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بزكاة الفطر بصاع من تمر، فجاء رجل بتمر رديء، فنزل القرآن: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ.. الآية.

أي أنفقوا من جياد أموالكم ولا تقصدوا الخبيث الرديء أو الفاسد أو الخاسر، فتجعلوا صدقتكم منه خاصة دون الجيد، فهذا نهي عن تعمد الصدقة من الخبيث دون الطيب، وكما قال تعالى: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٩٢) [آل عمران: ٣/ ٩٢.]


(١) أي لا تقصدوا الرديء.
(٢) أي تتساهلوا في أخذه.

<<  <  ج: ص:  >  >>