في كل خير، يعطيه الله لعباده، جماعة وأفرادا، وقوله: مِنْ بَعْدِهِ فيه حذف مضاف، أي من بعد إمساكه.
وبما أنه تعالى مصدر الخلق والرزق والإنعام، فيجب تذكر نعمه والإقرار بتوحيده، فيا أيها الناس كلهم، تذكروا نعم الله عليكم، واحفظوها بمعرفة حقوقها والإقرار بها، ووحّدوا المنعم بها، فلا خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض، ولا إله إلا هو، فكيف بعد هذا البيان الواضح، تصرفون عن الحق: وهو توحيد الله وشكره، وتعبدون هذه الأصنام؟! ثم واسى الله رسوله في أنه: إن يكذبك أيها الرسول هؤلاء المشركون ويعارضونك فيما جئت به من توحيد الله تعالى، فقد كذبت الرسل السابقون من قبلك من أقوامهم، وعارضوهم وآذوهم، ومصير الجميع في نهاية الأمر إلى الله تعالى، فيجازي على ذلك أو في الجزاء، يجازي رسله ومنهم أنت أيها النبي على الصبر، ويجازي أقوامهم على التكذيب، وكلا الجزاءين حق وعدل، ومصلحة ونفع إما للشخص نفسه في الدنيا والآخرة، أو له في الدنيا لتذكيره وزجره.
[التحذير من غرور الدنيا]
من الظواهر الواقعية أن الدنيا ملهاة، وتأثيرها بزخارفها على النفوس كبير، والإصغاء إلى وساوس الشيطان خطير، لذا حذر الله تعالى منها، من أجل خير الإنسان، وبسبب عرضه على الحساب في يوم القيامة الذي لا بد منه، فيكون الناس إما في خير وتنعيم، أو عذاب وعقاب وجحيم، أما أهل الإيمان والعمل الصالح، فلهم مغفرة وثواب كبير، وأما الكافرون، فلهم عذاب شديد. ولا مجال للمفاضلة