آيات القرآن نوعان: محكمات أي ظاهرات الدلالة لا خلاف في معناها، ومتشابهات: أي التي لم يظهر معناها ولم يتضح، بل خالف ظاهر اللفظ المعنى المراد.
أما الآيات المحكمات: فهي جميع الآيات المتعلقة بالتكاليف الشرعية التي تخص العباد، فهذه لا غموض فيها ولا التباس، مثل فرائض الصلاة والصيام، والحج والزكاة، والإحسان إلى الوالدين وتحريم المحرمات من النساء وتحريم بعض المطعومات والمشروبات كالميتة والدم، والخمر ولحم الخنزير والمذبوح لغير الله، ومثل عبودية الرسل والأنبياء لله وكونهم بشرا في غير النبوة والوحي مثل نوح وإبراهيم وعيسى وموسى ومحمد عليهم السلام، وأما الآيات المتشابهات: فهي التي لا تتعلق بالتكاليف الشرعية، والعلم بها نوع من الترف العقلي والفلسفات التي تختص بالعلماء وأهل النظر والفكر، وهي أنواع، منها لا يمكن العلم به إطلاقا كأمر الروح، وأوقات الأشياء الغيبية التي قد أعلم الله بوقوعها واختص بمعرفتها، مثل وقت قيام الساعة، وخروج يأجوج ومأجوج، وقيام دابة من الأرض تكلم الناس، ومجيء الدجال، ونزول عيسى عليه السلام، ونحو الحروف المقطّعة في أوائل السور، ومن الآيات المتشابهة ماله أكثر من معنى في اللغة ووجوه ومناح في كلام العرب، كقوله تعالى في شأن عيسى: وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ [النساء: ٤/ ١٧١] . وقوله: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ [آل عمران: ٣/ ٥٥] . وكقوله تعالى: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (٥)[طه: ٢٠/ ٥] . وقوله سبحانه: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [الفتح: ٤٨/ ١٠] .
فهذه آيات متشابهات تحتمل عدة معان، ويخالف ظاهر اللفظ فيها المعنى المراد، فهي مما استأثر الله بعلمها لأنها من أحوال الآخرة، أو يعلم الله تعالى بها علما تاما على الاستيفاء والشمول، وقد يعلم بعض جوانبها دون استيفاء الراسخون في