ليس هناك شيء أنفع ماديا ومعنويا للطفل من الرضاع من أمه، فبلبنها يتكون جسده وتنتقل إليه طباعها، ويتربى على أخلاقها ومزاجها، فإذا كانت الأم في عصمة الأب، فعليها الإرضاع، عملا بالأعراف السائدة، وأما إذا كانت مطلّقة، فيكون الرضاع مندوبا لها على سبيل الاستحباب، إلا إذا امتنع الطفل عن الرضاع من غيرها، أو لم يجد الوالد من يرضع لفقر أو لغيره من الأسباب، فيكون الرضاع واجبا عليها.
ويجب على الوالد أجرة الإرضاع لتلك المرأة المطلقة، وتقدير الأجرة بحسب ظروف كل من الوالد والوالدة المرضعة، يسارا وإعسارا غنى أو فقرا.
ويحرم على الوالد إضرار الوالدة بسبب ولدها، بأن تمنع من الرزق والكسوة، أو يؤخذ منها ولدها قهرا، أو تكره على إرضاع، ولا يضارّ الوالد بأن يطلب منه ما ليس في طاقته من رزق أو كسوة، أو تستغل الأم عاطفة الأبوة، فتفرط في شأن الولد وغير ذلك من ألوان الإيذاء والمضايقات، والمراد ألا يحصل ضرر لواحد من الوالدين بسبب الولد.
وإذا مات الوالد وجب على الوارث النفقة والكسوة، فإذا لم يكن للوالد مال، تؤخذ النفقة ممن يرث الطفل لو مات.
ومدة الرضاع الكاملة حولان (سنتان) فإن أراد الوالد والمرضعة فطاما للطفل دون الحولين برضاهما وتشاورهما في مصلحة الطفل، فلا إثم عليهما في ذلك، حيث اقتضت المصلحة العامة هذا.
وإذا أراد الوالدان استرضاع الطفل من مرضعة أجنبية (غير قريبة) بسبب حمل أو مرض، أو عدم إنفاق، فلا جناح (ولا إثم) عليهما بشرط إعطاء المرضعة أجرها بالمعروف، فإن ذلك أدعى للعناية والمحافظة على الولد.