فأجابه فرعون بقوله: إن كنت يا موسى مؤيدا بآية أو معجزة من عند ربك، فأظهرها لنراها، إن كنت صادقا فيما ادعيت.
فأجابه موسى على الفور بالفعل لا بالقول، فألقى موسى عصاه، فإذا هي ثعبان ظاهر واضح يتحرك، ويسير من مكان إلى مكان، وهمّ بفرعون فهرب منه. وأخرج موسى يده من جيب قميصه بعد ما أدخلها فيه، فإذا هي بيضاء تتلألأ من غير برص ولا مرض كالشمس المضيئة، كما قال الله تعالى في آية أخرى: وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (١٢)[النمل: ٢٧/ ١٢] .
ولا داعي للاسترسال في أوصاف الثعبان والعصا واليد بأكثر مما دلت عليه الآيات القرآنية، إذ ليس لها سند يوثق به، وإنما هي من الروايات الإسرائيلية التي دسّها بعض الدخلاء غير المتورعين ولا المتدققين، مثل كعب الأحبار الإسرائيلي، ووهب بن منبّه الفارسي الأصل.
والمهم أن انقلاب العصا ثعبانا عظيما، وتحول اليد العضوية إلى قوة إشعاعية كالشمس المضيئة معجزة لموسى عليه السلام، تخرس الألسنة، وتثبت رسالته، وهي تفوق كل ما عرف في الأوساط الشعبية من السحر، والعلمية من الطب وعلوم الفيزياء العادية والنووية، وكل ذلك بقدرة الله عز وجل وإرادته وخلقه، والله على كل شيء قدير.
[الاحتكام للسحر والسحرة]
بعد أن أظهر موسى عليه السلام معجزته بانقلاب العصا حية أو ثعبانا عظيما، واليد ذات قوة إشعاعية كالشمس المضيئة، بعد هذا فهم فرعون وقومه أن معجزة موسى لون من ألوان السحر، فحشد فرعون جماعة السحرة المهرة لإبطال ادعاءات