لمكسب دنيوي، أو تعالوا قاتلوا دفاعا عن النفس والأهل والوطن، فما كان من هؤلاء المنافقين إلا أن قعدوا وتكاسلوا قائلين للمؤمنين: لو نعلم أنكم تتعرضون للقتال لا تبعناكم وسرنا معكم، ولكننا نعلم أنكم لا تقاتلون، إنهم بهذه المقالة وتخلفهم عن جيش المسلمين هم يومئذ للكفر أقرب منهم للإيمان، فإن من يقعد عن الجهاد في سبيل الله، أو الدفاع عن الأوطان، ليس من المؤمنين: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥)[الحجرات: ٤٩/ ١٥] .
إن هؤلاء الذين تخلفوا عن المشاركة في القتال يوم أحد هم جماعة تظاهروا بالإيمان بأفواههم فقط، ولم يؤمنوا حقا بالإسلام، فهم المنافقون. إنهم قالوا لأمثالهم المنافقين المشاركين في المعركة، وقعدوا هم عن الجهاد: لو أطاعونا ولم يسيروا مع المسلمين ما قتلوا، وكأنهم يظنون أن الموت والهلاك فقط بسبب الذهاب إلى ساحات القتال. إنهم جبناء. فلو أن أجل الموت جاءهم في السلم، وهم في بيوتهم، هل يستطيعون أن يدفعوا الموت عن أنفسهم؟ لا، فهم أينما وجدوا يدركهم الموت، ولو كانوا في بروج مشيدة.
والخلاصة: إن النصر ليس لازما أن يكون دائما في صف المسلمين، وبخاصة إذا خالفوا أوامر دينهم، والجهاد كما يكون من أجل إعلاء كلمة الله والدين والحق، يكون من أجل البلاد والديار والأوطان، وتخليص الأراضي من أيدي المعتدين.
[منزلة الشهداء والمجاهدين وجزاؤهم]
إن الصراع قائم منذ القديم بين أتباع الدين الحق وبين الأعداء الذين يقاومون دعوة الأنبياء، ويحرصون على حفظ مصالحهم الدنيوية وزعاماتهم ومناصبهم، ولا