للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقته. والموعد: وقت العذاب. والمراد: إنا عجلنا هلاكهم، ومع ذلك حددنا له وقتا، رجاء أن يتوبوا.

هذه الآيات الكريمة تتضمن علاقة الإنسان بربه، فهي علاقة ودّ، ومغفرة، ورحمة إن أحسنوا العمل، وآمنوا بالله ورسوله وكتبه واليوم الآخر، وكذا إن تلكؤوا عن الإيمان، فيمهلهم الله، وإن الله يمهل ولا يهمل.

والعقاب مبدؤه وغايته: الإصلاح والهداية، والناس هم الظلمة لأنفسهم إذا عطّلوا وسائل الإيمان والهداية والمعرفة، فلم تتفتح قلوبهم لنور الهداية القرآنية، وأصاخوا السمع والأذن لآيات الله الكونية والحياتية.

والدليل من التاريخ: واقع وملموس، فقد أهلك الله أهل المدن الظالمة الذين لم يستجيبوا لدعوة الرسل، واقتضت الرحمة الإلهية إمهالهم لموعد معين، حتى يؤمنوا، وذلك منتهى العدل والفضل الإلهي.

[لقاء موسى عليه السلام مع الخضر العبد الصالح]

في التاريخ عجائب الحوادث والقصص، ومن هذه العجائب: قصة موسى عليه السلام مع الخضر العبد الصالح، التي تعلّمنا كيف يتعلم الأكبر والأعلم من الأصغر والأقل منه رتبة، فإن موسى عليه السلام كليم الله، مع كثرة علمه وعمله، أمره الله أن يصحب العبد الصالح وهو الخضر، في رحلة استطلاعية وجولة ميدانية، تدل على أن التواضع خير من العجب والكبر. وهذه هي بداية القصة في الآيات التالية:

[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٦٠ الى ٧٠]

وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً (٦٠) فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (٦١) فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً (٦٢) قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً (٦٣) قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً (٦٤)

فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (٦٥) قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (٦٦) قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (٦٨) قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (٦٩)

قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (٧٠)

«١» «٢»


(١) ملتقاهما.
(٢) الحقب: جمع حقبة، وهي زمان من الدهر غير محدود، أي أسير زمانا طويلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>