وسبب نزول هذه الآية: ما أخرجه الترمذي وحسنه، والحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري قال: كان بنو سلمة في ناحية المدينة، فأرادوا النقلة إلى قرب المسجد، فنزلت هذه الآية: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن آثاركم تكتب» . فلم ينتقلوا. وفي صحيح مسلم قال:«يا بني سلمة، دياركم، تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم» . وهذا لا يمنع من كون الآية مكية، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم احتج عليهم في المدينة، واتفق قوله صلّى الله عليه وسلّم مع الآية في المعنى. والمراد بالآثار: الخطى إلى المساجد.
[أصحاب القرية]
يتكرر ضرب الأمثال في القرآن الكريم للعظة والاعتبار والتأثر بأحداث الآخرين، وفي سورة يس ضرب الله مثلا لحال قريش الذين أصروا على الكفر، بحال أهل قرية كذّبوا الرسل، فدمرّهم الله بصيحة واحدة. والقرية، على ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، والزهري: أنطاكية. والمرسلون: هم جماعة من الحواريين، بعثهم عيسى عليه السّلام قبل رفعه إلى السماء، وقبل صلب الذي ألقي عليه شبهه. وهم رسولان دعوا أهل القرية إلى عبادة الله وحده، وإلى الهدى والإيمان، فكذبوهما، فشدّد الله أمرهما بثالث، فصاروا ثلاثة، وقامت الحجة على أهل القرية، وآمن منهم الرجل الذي جاء يسعى، وقتلوه في آخر أمره وكفروا، فأصابتهم صيحة من السماء، فخمدوا وماتوا. فإذا استمر مشركو قريش على عنادهم، كان إهلاكهم يسيرا كأهل هذه القرية، قال الله تعالى: