وذكر الطبري من طريق حذيفة: أن أهل الأعراف يرغبون في الشفاعة، فيأتون آدم، فيدفعهم إلى نوح، ثم يتدافعهم الأنبياء عليهم السّلام، حتى يأتوا محمدا صلّى الله عليه وسلّم ليشفع لهم، فيشفع، فيدخلون الجنّة، فيلقون في نهر الحياة، فيبيضّون ويسمّون مساكين الجنّة.
وفائدة الحوار المذكور بين أهل الأعراف وأهل النار: تبيان أن الجزاء على قدر العمل، والترغيب في التسابق في أعمال الخير، وأن المعول عليه ليس هو المال والغنى والقوة، وإنما المنظور إليه هو العمل الصالح، وأن الطائعين يتميّزون بالنّضرة، وأن العصاة يعرفون بالغبرة والزّرقة وتشوّه الخلقة.
وإن أساس السعادة والنجاة في عالم الآخرة هو الإيمان والعمل الصالح، وسبب الهلاك والعذاب في النار هو الشّرك أو الكفر، أو التّكبر عن اتّباع رسالة الحق رسالة النّبي صلّى الله عليه وسلّم.
وفضل الله ورحمته يشملان المقصّرين أهل الأعراف الذين استوت حسناتهم وسيئاتهم، وهذا ترغيب في تفادي التقصير في العمل، حتى لا يتعرّض المقصّرون لشيء من الحسرة والألم، والمهلة والانتظار، والقلق والاضطراب، ويستفاد من ذلك أن على الإنسان أن يكون بصيرا بالعواقب، شديد الخوف من سوء المصير، عظيم الرجاء في إحسان الله وفضله ورحمته، والله يغفر لمن يشاء، ويرحم من يشاء.
[استغاثة أهل النار بأهل الجنة]
إذا اشتد الكرب، وعظم البلاء، وأطبق العذاب بأهل النار لم يجدوا ملجأ إلا الاستغاثة والاستنجاد بأهل الجنة لإمدادهم بالطعام والشراب، وإنقاذهم مما يتعرضون له من النكال والشدة وسوء التقلب في نار جهنم، فترتفع أصواتهم بالنداء