إن قدرة البشر محدودة ضعيفة، مهما ظن الإنسان بقوته وقدرته، فتراه مبهوتا عاجزا مشدوها أمام المخلوقات الكونية العظمى، لا يستطيع الإحاطة بها، أو إيجاد مثلها، أو التأثير فيها إيجادا وإعداما، أو تغييرا وتبديلا لمسيرتها وحركتها.
أما قدرة الله جلّ جلاله فهي شاملة غير محدودة، كاملة تامة غير منقوصة، أوجد الكون بقدرته، وسيّره وصرّفه بعلمه، ووجّهه الوجهة الصالحة بحكمته، ويعلم كل شيء عنه، سواء أكان دقيقا صغيرا أم عظيما كبيرا، لأن مالك الشيء وخالقه يعلم كل شيء عنه: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤)[الملك: ٦٧/ ١٤] .
إن جميع ما في السماوات وما في الأرض ملك لله ومخلوق لله، فهو المالك وهو الخالق، وهو المتصرف، وهو العليم بكل شيء، لأنه الموجد المخترع المبدع، لا إله غيره ولا رب سواه، وهو سبحانه يعلم بأحوال جميع المخلوقات، من جماد وحيوان لا يعقل، وأجناس ثلاثة تعقل وهي الملائكة والإنس والجن.
ويعلم الله تعالى جميع ما تضمره النفوس وتكتمه أو تخفيه من النوايا والوساوس والخواطر التي لا يتأتى للإنسان دفعها أو السيطرة عليها، ويعلم سبحانه أيضا ما تظهره النفوس ويستقر فيها من الأفكار والأخلاق والأدواء الباطنة، والأفعال والأعمال الظاهرة، ويحاسب الإنسان عليها، ويجازيه إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
قال جماعة من الصحابة والتابعين كابن عباس وأبي هريرة والشعبي: إن هذه الآية لما نزلت، شقّ ذلك على أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم، وقالوا: هلكنا يا رسول الله، إن حوسبنا بخواطر أنفسنا، يا رسول الله، كلفنا من الأعمال ما