كلكم كارهين للحق وأهله. بل إن مشركي مكة وأمثالهم دبروا كيدا للنبي صلّى الله عليه وسلّم في دار الندوة بمكة، ليقتلوه أو يحبسوه أو يطردوه، وأحكموا أمر الكيد والمؤامرة، ولكن الله أبرم حكما لهم بنصره وحمايته وبيّت لهم جزاء وعقابا شديدا. قال مقاتل: نزلت هذه الآية أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً في تدبيرهم في المكر بالنبي صلّى الله عليه وسلّم في دار الندوة.
بل أيظنون أنا لا نسمع سرهم وعلانيتهم، سواء ما يضمرونه من شر وكيد، أو ما يتناجون به علانية لحبك المؤامرة وتنفيذها؟ بلى، نحن نسمع ذلك ونعلم به تماما، والملائكة الحفظة أيضا يكتبون جميع ما يصدر عنهم من قول أو فعل.
أخرج ابن جرير الطبري في نزول هذه الآية، عن محمد بن كعب القرظي قال:
بينا ثلاثة بين الكعبة وأستارها: قرشيان وثقفي، أو ثقفيان وقرشي، فقال واحد منهم: ترون الله يسمع كلامنا؟ فقال آخر: إذا جهرتم سمع، وإذا أسررتم لم يسمع، فأنزلت أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ.. الآية، أي إنها نزلت لأن كثيرا من العرب كانوا لا يعتقدون أن الله تعالى لا يسمع السرار.
[نفي الولد والشريك عن الله تعالى]
على الرغم من تهديد الكفار بعذاب النار، فإنهم بقوا على الشرك بنسبة الولد والشرك لله تعالى، فنفى الله تعالى ذلك نفيا باتا، وأوضح أنه المعبود بحق، وأنه الحكيم في صنعه، العليم بكل شيء، ومالك السماوات والأرض، وهو إله السماء وإله الأرض، وأن الآلهة المعبودة لا نفع ولا شفاعة لها، وأن المشركين متناقضون حين أقروا بأن خالق الكون هو الله تعالى، ثم عبدوا غيره، فهم قوم لا يؤمنون، وحسابهم آت لا ريب فيه، كما بيّنت الآيات الآتية: