وتصدق زيد بن حارثة بفرس كان يحبها، فأعطاها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ابنه أسامة، فكأن زيدا شق عليه، فقال له النبي:«أما إن الله قد قبل صدقتك»
وأعتق عمر بن الخطاب أكرم جارية لديه من سبي جلولاء. فالصدقة المقبولة هي من رغائب الأموال التي يضن بها أو يستأثر بها، فيكون إخراجها مغالبة للنفس، وتخليصا من شحها وبخلها.
يتبين من الآيات السابقة أن الله تعالى يحب عباده أشد الحب، وهو لا يرضى لهم إلا الخير، وإبعادهم عن أسباب الشقاوة والشر، وهو يحذرهم مما يضرهم في دنياهم وآخرتهم، ويرغبهم في ترك ما هم عليه من الضلالة والانحراف، والمبادرة إلى ساحة الإيمان بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر، ليعيشوا في سعادة واطمئنان، وبعد عن القلق النفسي وتعذيب الروح والضمير، وكل ذلك تنبيه لأمتنا أيضا فإن الإيمان مدعاة للوفاق والمحبة والتعاون، والكفر بيئة للتفرق والتشتت والضياع، والله دائما بالنصر والتأييد مع المؤمنين، غاضب ساخط على غير المؤمنين، وهو سبحانه أحكم الحاكمين في عالم الحساب.
[تحريم إسرائيل على نفسه بعض الأطعمة]
كان يعقوب بن إبراهيم عليهما السلام وهو الملقب بإسرائيل (أي الأمير المجاهد مع الله) قد أصيب بوجع عرق النّساء، وطال سقمه منه، وكان يحب لحوم الإبل وألبانها، فجعل تحريم ذلك على نفسه، شكرا لله تعالى إن شفي، بقصد ترك الترفه والتنعم والزهد في الدنيا، وكان هذا سائغا في شريعته، واستمر هذا التحريم في بني إسرائيل، وهذا يدل على أن للأنبياء أن يحرموا باجتهادهم على أنفسهم ما اقتضاه النظر لمصلحة أو قربة أو زهد، ومن هذا على جهة المصلحة تحريم نبينا صلّى الله عليه وسلّم العسل على