للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيامة، وما فيه من أهوال المحشر والحساب والعقاب. ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ أي ثم يلقون الشقاء المؤيّد، ويعذّبون في نار جهنّم العذاب المؤلم الموجع الشديد الألم، بسبب كفرهم وافترائهم وكذبهم على الله، فيما نسبوه إليه زورا وبهتانا. وهذا توعّد بحقّ.

وفي الآية دليل واضح على تعرّض الكافرين للخسارة المحققة، فإن ما يتوهّمون أنه نجاح في الدنيا بالحصول على المنافع المادّية والمعنوية، والثروة والجاه، لا قيمة ولا وزن له أصلا في مقابلة ما فاتهم في الآخرة من ثواب عظيم ونعيم مقيم في جنان الخلد، فإن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة. وهذا يشعرنا بأن وجود الثروة أو المال والجاه عند بعض الجاحدين الكافرين لا يدلّ على حسن الحال، أو ارتقاب النّجاة والسّعادة في عالم الآخرة.

قصة نوح عليه السّلام مع قومه

ليس هناك أناس صبروا على إيذاء أقوامهم، وجاهدوا في سبيل نشر دعوتهم، مثل الرّسل والأنبياء عليهم السّلام، ومن أسبقهم نوح عليه السّلام أبو البشر الثاني، وأول الرّسل أولي العزم، دعا قومه إلى توحيد الإله من غير أجر ولا مقابل، فكذّبوه وآذوه، فأنجاه الله ومن آمن معه، وأغرق المكذّبين بالطّوفان. وهذا ما قصد القرآن الكريم في الآيات التالية:

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٧١ الى ٧٣]

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ (٧١) فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٧٢) فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (٧٣)

«١» «٢» «٣» «٤»


(١) المقام: وقوف الرجل لكلام أو لخطبة أو نحوه. والمقام: إقامته ساكنا في موضع أو بلد.
(٢) التّذكير: الوعظ والزّجر.
(٣) اعزموا وصمموا.
(٤) مبهما، والغمّة: أي الخفي المشكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>