الأوس والخزرج، فلما جاء الإسلام، انتزع من قلوبهم الحقد، وطهرهم من العداوة، وأصبحوا بنعمة الله إخوانا متحابين متعاطفين، يؤثرون إخوانهم على أنفسهم، ولو كان بهم خصاصة (أي حاجة) وكانوا على وشك الوقوع في النار بسبب شركهم ووثنيتهم إذا ماتوا، فأنقذهم الله بالإسلام والتوحيد، والإيمان والطاعة، ومثل هذا البيان والتوجيه والتذكير، يبين الله آياته للناس، ليهتدوا إلى الطريق المستقيم، أو ليكونوا بالاستقامة والسداد راجين الهداية.
والجامع بين المسلمين هو المبدأ العظيم في القرآن: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:
٤٩/ ١٠]
والحديث النبوي الذي رواه أحمد ومسلم:«مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» .
إن عزة العرب والمسلمين تتطلب منهم أولا وقبل كل شيء الاستغناء عن غيرهم في كل شيء عسكري واقتصادي، لأن الحاجة تقتضي المذلة والهوان، وسبيل تحقيق وحدة الصف لهذه الأمة: هو الحفاظ على شخصيتها المتماسكة، وتميزها الذاتي، ورفض تبعتها لغيرها من الأمم التي لا تبغي لها إلا الشر، وينبغي أن تكون لنا استراتيجيتنا الذاتية وخطتنا الخاصة وعقليتنا الواعية، فلا نطمئن لمشورة غيرنا، ولنتأمل جيدا في مصداقية ما ينصحوننا به، كيلا نقع كما وقعنا كثيرا في شرك خداعهم، وإلحاق أفدح الخسائر والمحن والبلايا في مصالحنا وبناء أمجاد وطننا وأمتنا.
[جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومنهجهم]
قد يتعرض الأفراد والجماعات للنسيان أو الضعف أو التورط في معصية، فيكون التذكير بالخير والنصح والإرشاد خير سبيل لاستدراك الخطأ، والعودة إلى جادة الاستقامة والصواب، لذا تكررت وسائل التذكير في الإسلام بخطب الجمعة