فذكروا ما بينهم، فثار بعضهم إلى بعض بالسيوف، فأتى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فذكر ذلك له، فذهب إليهم، فنزلت هذه الآية: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ..
أعدّ الله الأمة للاجتماع والاتحاد، فأمر الجميع بتقوى الله تعالى، والمعنى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله اتقاء حقا شاملا فيما استطعتم، أي بالغوا في التقوى، وأدوها كاملة حتى لا تتركوا شيئا من المستطاع، وذلك بالتزام أوامر الله واجتناب نواهيه، بأن يطاع الله فلا يعصى، ويشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى، ومعنى قوله تعالى: وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ: دوموا على الإسلام حتى يوافيكم الموت وأنتم عليه، والإسلام: هو المعنى الجامع للتصديق في القلب وأداء الأعمال، وهو الدّين عند الله، وهو الذي بني على خمس معروفة.
وبعد توحيد العقيدة والعمل، أمر الله تعالى بالتمسك بكتاب الله وعهده واتباع سنة نبيه، وهذا هو حبل الله، وتسمى العهود والمواثيق حبالا، وحبل الله الذي أمر باتباعه: هو القرآن،
أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«كتاب الله: هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض» .
ثم نهى الله عن التفرق أبدا، فإن الداء العضال في الفرقة والانحلال. ويكون التزام الجماعة بعد الاعتصام بالكتاب والسنة هو سبيل الوحدة، والبعد عن التفرق.
أخرج الإمام أحمد عن أنس بن مالك عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «إن بني إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين فرقة، وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة قيل: يا رسول الله، وما هذه الواحدة؟ فقبض يده وقال: الجماعة، ثم قرأ: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا.
وقد كان العرب الجاهليون في حروب مستعرة وعداوات وأحقاد، وبخاصة