ثم أرشد الله العصاة والمذنبين إذا أذنبوا بأن يبادروا في المجيء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيستغفروا الله عنده، ويبالغوا في التوبة وطلب المغفرة، حتى يستغفر لهم الرسول، فإن فعلوا ذلك تاب الله عليهم، إنه قابل التوبة واسع الرحمة، ونفى الله الإيمان الكامل عن أناس حتى يحكّموا الله ورسوله في كل أمورهم، وقضاياهم ومنازعاتهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم أي ضيق أو تضجر من حكم الله في القرآن والسنة، ويعلنوا الاستسلام والانقياد التام لأمر الله ورسوله، وحصر الاحتكام إلى القرآن والسنة يؤدي إلى وحدة الأقضية والأحكام في الأمة، وإلى إشاعة العدل، والتزام الحق والخير في كل مشكلة.
[حب الوطن وامتثال أوامر الدين]
قد يتعرض الإنسان في كل زمان إلى أزمنة أو مشكلة داخلية، يضطر فيها إلى إجراء موازنة أو مقارنة أو مفاضلة بين أمرين خطيرين: هما حب الأوطان، وامتثال أوامر الدين الذي يدين به الإنسان ويعتقد بصحته، وهنا يحار ويضطرب، وقد فصل القرآن الكريم في هذه المسألة، وأخبر عن الحل الأمثل، ألا وهو طاعة الله والرسول، وإن كان أكثر الناس يؤثرون حب الوطن والبقاء في مواقعهم، على حساب أداء شعائر الدين، وتلك هي أ؟ سارة والتفريط بما هو الأهم والأقدس.
سبب نزول هذه الآيات: أن اليهود قالوا: لما لم يرض منافق بحكم النبي صلّى الله عليه وسلّم ما رأينا أسخف من هؤلاء، يؤمنون بمحمد ويتبعونه، ويطؤون عقبه، ثم لا يرضون