والرسول يزكّي النفوس، ويطهرها من كل دنس وفحش ورذيلة وكفر ومعصية، واستطاع أن يخرج من العرب الجاهليين أمة لها نظام وحكم وسياسة وإدارة فاقت كل نظام سابق، ويعلّم الرسول أمته القرآن والكتابة والحكمة والسنة النبوية حتى صار منهم الكتّاب والعلماء والحكماء والقادة في جميع العلوم والمعارف، وإن كانوا سابقا في متاهة وضلال مبين.
والخلاصة: إن رسالة السماء تتطلب من الناس الحفاظ على الحقوق فلا سرقة ولا خيانة من المغنم، وهم أمة الحضارة والمدنية إن اتبعوا تعاليم القرآن وفهموا أسرار التشريع وعملوا بمنهج النبي صلّى الله عليه وسلّم وسيرته العطرة.
[إرشاد المؤمنين ببيان قبائح المنافقين]
يظن بعض الناس خطأ أن النصر على العدو ينبغي أن يكون دائما في جانب المسلمين مهما كان وضعهم، ومهما خالفوا وعصوا أوامر دينهم، ويظن آخرون خطأ أيضا أن الدفاع عن الوطن وتخليص الأراضي المحتلة من الغاصب المحتل ليس جهادا في سبيل الله، وأن الشهداء من أجل ذلك ليسوا شهداء في الجنة.
لقد أجاب القرآن عن هذين الخطأين، وردّ تلك الشبهتين بما يبين الحقيقة والصواب، ويرشد إلى واجب المؤمنين في الأخذ بالأسباب وتصحيح الأخطاء بين التصور وواقع الأمر، فقال الله تعالى، معلّما ومبينا وجه الحق والاستفادة من الأحداث، ومعرّفا لهم أن ما أصابهم من قلق للمصيبة التي نزلت بهم بعد أحد إنما كان ذلك لسبب من أنفسهم، قال سبحانه: