هذه آية تنبيه على الصنعة الدالة على الصانع، وهو الله تعالى، وذلك أن تسخير هذه الأمور العظام كالشمس والقمر والنجوم والسحاب والرياح والحيوان والنبات، إنما هو من الله المسخّر والمالك. لذا نبّه القرآن المشركين لهذا، قائلا لهم:
ألم تعلموا أيها المشركون دلائل التوحيد الناطقة بوحدانية الله تعالى وقدرته على كل شيء، وإنعامه عليكم، فهو سبحانه الذي ذلّل لكم جميع ما في السماوات من شمس وقمر ونجوم، تستضيئون بها في الليل والنهار، ويسّر لكم جميع خزائن الأرض، من معادن وأنهار وبحار، وأشجار وزروع، وثمار، ونحو ذلك من منافع الغذاء والشراب، وأكمل عليكم نعمه الظاهرة والباطنة، أي المحسوسة والمعقولة، ومنها إنزال الكتب وإرسال الرسل. والظاهرة أيضا: هي الصحة وحسن الخلقة والمال وغير ذلك.
والباطنة: المعتقدات الصحيحة من الإيمان ونحوه، والعقل أو الفكر الإنساني.
وبعض الناس كالنضر بن الحارث ونظرائه من زعماء الوثنية في مكة وغيرها، على الرغم من إثبات الألوهية بالخلق والإنعام، يجادلون في توحيد الله وصفاته وإرسال الرسل، بغير دليل معقول، ولا حجة صحيحة، وإنما حجتهم التقليد الأعمى، للآباء والأجداد، واتباع الهوى والشيطان، لأنهم كانوا ينكرون وحدانية الله تعالى، ويشركون الأصنام في الألوهية، وليس عندهم علم واضح من هدى أو كتاب يبين لهم معتقدهم.