وهذه الآية نزلت في ركانة، وهو مكي مشرك، صارعه النبي ثلاث مرات على أن يؤمن، فصرعه، ولم يؤمن، ثم جاء إلى مكة قائلا: يا بني هاشم، ساحروا بصاحبكم هذا أهل الأرض، فنزلت الآية فيه وفي نظرائه.
وقالوا: ما هذا الذي تأتينا به من الدلائل إلا سحر واضح ظاهر، فلا يؤبه به، ولا ننخدع به. وتساءلوا منكرين: كيف نبعث أحياء بعد أن صرنا أمواتا، وترابا مفتتا، وعظاما بالية؟ وهل يبعث معنا أسلافنا القدامى من الآباء والأجداد. فأجابهم الله تعالى: قل لهم أيها الرسول: نعم تبعثون أحياء مرة أخرى، وأنتم ذليلون صاغرون. والأمر سهل جدا على قدرة الله، فما البعث إلا صيحة واحدة من إسرافيل بالنفخ في الصور بأمر الله تعالى للخروج من القبور. وقال منكرو البعث. لنا الويل والهلاك، فقد حل يوم الجزاء والعقاب، على ما قدمنا من أعمال. فأجابتهم الملائكة: هذا يوم الحكم والقضاء المبرم الذي كنتم تكذبون به في الدنيا، ويعرف فيه المؤمن من الكافر.
[مسئولية المشركين في الآخرة]
إن كل إنسان في الآخرة مسئول عن أعماله خيرها وشرها، وتكون المسؤولية شديدة، وصعبة على المشركين، حيث يحاسبون عن شركهم وضلالهم، وتركهم الواجبات المفروضة عليهم من الإيمان بالله ورسله أولا، ثم أداء الفرائض، وحيث لا يجدون أحدا يشفع لهم أو ينصرهم، ولأنهم كانوا متكبرين في الدنيا، لا يسمعون لنداء الحق، وكلمة التوحيد، ويتهمون النبي صلّى الله عليه وسلّم بالاتهام الباطل كالقول: بأنه شاعر مجنون، وهذا محض الكذب والافتراء، وصف الله تعالى مسئولية المشركين وأسبابها في الآخرة، فقال الله تعالى: