إن الصحيح في قصة إحراق إبراهيم هو ما أخبر عنه القرآن، لا تلك الحكايات والقصص الإسرائيلية غير الثابتة. والذي أخبر عنه الله تعالى: أن إبراهيم ألقي في النار، فجعلها الله عليه بردا وسلاما، فخرج منها سالما، وكانت أعظم آية.
وانتهت القصة: أن قوم إبراهيم أرادوا به مكرا، وتدبيرا يؤذيه ويقتله، فجعلهم الله المغلوبين الأسفلين، ونجّاه الله من النار.
وهذا درس بليغ في الإيمان بعظمة الله تعالى، وعبرة وعظة لذوي الأفهام، وتعليم أن إرادة الله فوق كل إرادة، وسلطانه فوق كل سلطان، فما أراده الله كان، وما لم يشأ الله لم يكن.
[نجاة إبراهيم ولوط عليهما السلام]
لم يبق مجال أمام إبراهيم الخليل عليه السلام بعد محاولة إحراقه إلا الهجرة من أرض قومه وتركهم في ضلالتهم يعمهون. روي أن إبراهيم عليه السلام، لما خرج من النار، أحضره النمرود وكلمه، وأعلن إصراره على الكفر، وقال لإبراهيم: يا إبراهيم، أين جنود ربك الذي تزعم؟ فقال له: سيريك فعل أضعف جنوده، فبعث الله تعالى على نمرود وأصحابه سحابة من البعوض، فأكلتهم عن آخرهم، ودخلت منها بعوضة في رأس نمرود، فكان رأسه يضرب بالعيدان وغيرها، ودام تعذيبه بها زمنا طويلا، وهلك منها، وخرج إبراهيم عليه السلام وابن أخيه لوط عليه السلام من تلك الأرض في العراق مهاجرين، وهي كوثا من بلدة فاران آرام بالعراق، ومع إبراهيم ابنة عمه سارّة زوجه، وفي تلك السفرة لقي إبراهيم الملك الجبّار الذي رام أخذها منه، فحماها الله منه، وقال له إبراهيم: إنها أخته، ووصل إلى أرض الشام، وهي الأرض التي بارك الله فيها، قال الله تعالى واصفا هذا الحدث: