للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنسان بما يستحقه من خير أو شر. وأما الذين يعبدون الأصنام من غير الله، فإن أصنامهم لا يتمكنون من القضاء بشيء، أو فلا يحكمون بشيء، ولا يملكون شيئا، لأنهم لا يعلمون شيئا، ولا يقدرون على شيء، وإن الله هو السميع لكل شيء من الأقوال والبصير بالأفعال، فيجازي عليها أصحابها يوم القيامة. وهذا وعيد شديد، وتحذير رهيب على أقوالهم وأفعالهم.

ثم أنذر الله تعالى الكافرين، وخوّفهم من عقاب الدنيا، بعد أن حذّرهم من عذاب الآخرة، فأرشدهم إلى الاعتبار والاتعاظ بغيرهم، أفلم يمش هؤلاء المكذبون برسالتك أيها النبي محمد، فينظروا مآل الغابرين المكذبين أنبياءهم، وما حلّ بهم من عذاب الاستئصال والانتقام، مع أنهم كانوا أشد قوة من قومك أهل مكة وأمثالهم، وأبقى آثارا، بما عمروا في دنياهم من حصون وقصور، وأشادوا من مدن وقلاع، فأهلكهم الله بذنوبهم ومنكراتهم، ولم يكن لهم من الله من واق، أي ساتر مانع يقيهم السوء، ويدفع عنهم العذاب. وهذا تحذير شامل للكافرين في كل زمان، حيث يجب عليهم أن ينظروا بما حل بالأقوام الغابرين.

وعلّة هلاكهم وتدميرهم أو أخذهم وإماتتهم: بسبب أن رسلهم كانوا يأتونهم بالحجج الواضحة على الإيمان الحق، فكفروا بما جاءوهم به، فأهلكهم الله، ودمر ديارهم عليهم، إن الله ذو قوة شديدة، وبطش كبير، وذو عقاب مؤلم جدا، يفعل كل ما يريد، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، فهل من متعظ؟

وقوله تعالى: ذلِكَ إشارة إلى أخذ الله الكفار بذنوبهم، وإن لم يكن لهم منه واق أو حافظ مانع. وسبب إهلاك الماضين هو ما عليه قريش في عصر النبي صلّى الله عليه وسلّم، حيث جاءهم رسول من الله تعالى، مؤيد بالمعجزات والبراهين، فكفروا به، فأهلكهم الله، وقد وصف الله نفسه بالقوة وشدة العقاب، وكل ذلك وعيد لقريش وأمثالهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>