ذكر العلماء سببين لنزول هذه الآية، فقال قتادة والسّدّي: نزلت في قصة الأحزاب، حين حاصر المشركون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه في المدينة. نزلت هذه الآية في غزوة الخندق حين أصاب المسلمين من الجهد والشدة، والحر والبرد وسوء العيش وأنواع الأذى، وكان كما قال الله تعالى: وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ [الأحزاب: ٣٣/ ١٠] .
وقال عطاء وجماعة: نزلت الآية تسلية للمهاجرين الذين أصيبت أموالهم بعدهم في بلادهم، وفتنوا هم قبل ذلك. لما دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه المدينة، اشتدّ الضّر عليهم، بأنهم خرجوا بلا مال، وتركوا ديارهم وأموالهم بأيدي المشركين، وآثروا رضا الله ورسوله، وأظهرت اليهود العداوة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأسرّ قوم من الأغنياء النفاق، فأنزل الله تعالى تطييبا لقلوبهم: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ..
الآية.
خوطب الرسول صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنون معه بهذه الآية، حثّا لهم على الثبات والمصابرة على مخالفة الكفار، وتحمل المشاق، مع بيان عاقبة الصبر. وكان ذلك من قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم بقصد استعجال النصر، لا لسبب الشّك والارتياب في وعد الله وعدله.
ومعنى الآية أتظنون أيها المؤمنون أن تدخلوا الجنة، ولما تتعرفوا على أخبار من مضى من قبلكم من الأنبياء ومن معهم من المؤمنين؟ فأنتم لم تتعرضوا للمحنة والبلاء مثل ابتلائهم، مسّتهم الشدة والخوف والفقر والألم والأمراض، تعرضوا للبأساء أي الفقر، وللضّراء أي المرض والمصائب، وزلزلوا أي أزعجوا إزعاجا شديدا بأنواع البلايا، حتى اضطرهم الألم والكرب إلى أن يقول الرسول- وهو أعلم الناس بصدق وعد الله، وأوثقهم بنصره- ويقول المؤمنون المقتدون به من غير أي شك بإنجاز وعد الله: متى يأتي نصر الله للمؤمنين؟ فكاد صبرهم ينفد من هول ما لاقوا، فأجيبوا: