للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: لقد علمت سابقا ألا حاجة لنا في النساء ولا نميل إليهن، فلا فائدة فيما تقول، وليس لنا غرض إلا في الذكور، وأنت تعلم ذلك، فأي فائدة في الوعظ؟ قال لوط لقومه متوعدا: لو كان لدي قوة تقاتل معي، أو عشيرة تؤازرني، لقاتلتكم ومنعتكم من تحقيق مرادكم السيّئ. والمراد بالركن الشديد: العشيرة والمنعة بالكثرة بحسب العرف، يعاجلهم به، وهو يعلم أن الله تعالى من وراء عقابهم.

قالت الملائكة بعد هذا الحوار الشديد: يا لوط، إنا رسل ربك، أرسلنا إلى نجاتك من شرهم، وإهلاكهم، ولن يصلوا إليك بسوء، فاخرج مع أهلك بجزء من الليل يكفي لتجاوز حدودها، ولا ينظر أحد منكم إلى ما وراءه أبدا، حتى لا يصيبه شيء من العذاب. امض بأهلك إلا امرأتك. فلا تأخذها معك، إنه مصيبها ما أصابهم من العذاب، لكفرها وخيانتها بدلالة قومها على المنكر. إن موعد عذابهم هو الصبح، من طلوع الفجر إلى شروق الشمس، أليس موعد الصبح بموعد قريب؟ واختيار هذا الوقت لتجمعهم فيه في مساكنهم.

فلما جاء أمر الله بالعذاب، عند طلوع الشمس، ونفذ قضاؤه في قوم لوط، جعل ديارهم وهي قرى سدوم عاليها سافلها، وخسف بهم الأرض، وأمطر عليهم حجارة من طين متحجر، منظم متتابع، معلمة للعذاب، عليهم علامة خاصة عند ربك، أي في خزائنه، وليست هي من الكفار الظالمين أي قريش ونحوهم بمكان بعيد، فهي تشمل كل ظالم، ويمرون على تلك الديار في الأسفار، ويشاهدون آثار الدمار والخراب، سواء في الليل أو في النهار.

<<  <  ج: ص:  >  >>