بالقتل أو الطرد، فأغرقناه ومن معه جميعا، أي فأهلكناه وجنوده جميعا بالإغراق في البحر.
ونجينا موسى وقومه بني إسرائيل، وقلنا لهم بعد هلاك فرعون: اسكنوا الأرض «١» التي أراد فرعون إخراجكم منها، وهي أرض مصر. فإذا جاء يوم القيامة، جئنا بكم أنتم وعدوّكم جميعا، جمعا مختلطا أنتم وهم، ثم نحكم بينكم وبينهم، وحكم الله عدل مطلق، وحق ثابت دائم.
ويلاحظ أن الله تعالى في هذه الآيات ذكر من قصة موسى مع فرعون طرفي القصة، في البدء والنهاية، فقد أراد فرعون غلبة الإسرائيليين وقتلهم، وهذا كان بدء الأمر، فأغرقه الله تعالى مع جنوده، وهذا كان نهاية الأمر.
وتقرير بداية هذه القصة ونهايتها بإيجاز يملأ النفس رهبة ورعبا، ويوقظ أحاسيس العبرة والعظة في المتأملين المفكرين المتعظين، لأن نبي الله موسى الكليم يدعو إلى الحق، وتوحيد الله، وترك الظلم الغاشم للرعية، وفرعون المتسلط يتمسك بعز السلطة وكبرياء الحكم، ويترفع عن التنزل لمستوى موسى وقومه، ولكن الله بالمرصاد بنصر رسله وأنبياءه وأتباعهم أهل الإيمان، ويهزم ويخذل أعداء الرسل وقواعد الظلم وعروش الظلمة، وهذه هي سنة الله في عباده، يؤيد الحق وأهله، ويمحق الباطل وأعوانه وجنده، وأكد التاريخ هذه السنة، حيث يبقى أهل الصلاح والاستقامة، وتطوى من التاريخ صحف المفسدين الظالمين المتكبرين.
(١) متى ذكرت الأرض عموما، فإنما يراد بها ما يناسب القصة المتكلم فيها، وقد يحسن عمومها في بعض القصص.