الكهف بمثابة وجه إنسان، ومكان الكهف مختلف فيه إما في واد قريب من أيلة في رأس خليج العقبة، أو عند نينوى في الموصل شمال العراق، أو في جنوب تركيا من بلاد الروم سابقا.
إن بقاء هؤلاء الفتية نياما في الكهف سنين عديدة آية من آيات الله العجيبة الكثيرة، الدالة على كمال قدرة الله وسعة علمه، وعلى أنه تعالى يصون المخلصين من عباده، وأن التوحيد دين الحق، وأن كل ما عداه من المذاهب والأديان باطل وضلال، ثم قال الله تعالى: مِنْ آياتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ...
أي إن من يوفقه الله تعالى للاهتداء بآياته وحججه، ويدله دلالة مؤدية إلى الحق، ويوفقه إلى ما يحبه ويرضاه، كأهل الكهف، فهو المهتدي إلى طريق الحق والصواب، الفائز بالحظ الأوفر في الدارين، ومن يضلل الله، أي يحجب عنه سبل الهداية والتوفيق لآيات الله، لسوء اختياره واستعداده، وإمعانه في الانحراف، فلن تجد له أبدا حليفا أو ناصرا معينا يرشده ويهديه إلى الخير وطرق الصلاح في الدنيا والآخرة، والمقصود: أن الله هو الذي أرشد هؤلاء الفتية إلى الهداية والثبات على ملة التوحيد.
وتظنهم أيها الرائي المشاهد إذا رأيتهم أنهم أيقاظ لانفتاح أعينهم، وهم في الواقع نيام، لئلا يتسارع إليها البلى، فكأنهم ينظرون إلى من يشاهدهم، ونقلّبهم تقليبا دوريا مرة في ناحية اليمين، ومرة في ناحية الشمال، حتى لا تؤثر الأرض برطوبتها في أجسادهم، ولكي تتعرض جلودهم للهواء، وتسلم من التقرحات. إن الرائي يحسبهم أنهم أحياء في اليقظة، لشدة الحفظ الذي كان عليهم، وقلة التغير.
وكان كلبهم الذي تبعهم بإلهام من الله للحراسة باسطا ذراعيه بفناء الكهف أو ببابه يحرسهم، وهو كلب حقيقة، كان لصيد أحدهم فيما روي، أو لراع مروا عليه، فصحبهم.