آخرون: هم خمسة وسادسهم كلبهم، وكلا الفريقين يقول قولا بلا علم، ومجرد ظن وتخمين لا دليل عليه، للتعقيب على القولين بقوله سبحانه: رَجْماً بِالْغَيْبِ.
وقال جماعة آخرون: إنهم سبعة وثامنهم كلبهم، ولما سكت الله عن التعقيب على هذا القول الثالث، دل على أنه قول صحيح، وأنه واقع قائم فعلا.
وقل يا محمد النبي: ربي الله أعلم بعدد أهل الكهف، ما يعلمهم إلا قليل من الناس، وأكثر المتكلمين من أهل الكتاب الذين ذكروا أعدادهم: هم على ظن وتخمين. والأفضل والأسلم: تفويض الأمر ورد العلم في عددهم إلى الله تعالى، فليس المهم معرفة العدد، وإنما المهم الاعتبار أو الاتعاظ بالقصة، والإيمان بقدرة الله على البعث والإعادة. وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول:«أنا من ذلك القليل، أي الذين يعلمون بعدة أهل الكهف، وكانوا سبعة وثامنهم كلبهم» .
ثم نبّه الله تعالى رسوله إلى أمر آخر، وهو: فلا تجادل أيها النبي أهل الكتاب في شأن أصحاب الكهف إلا جدلا ظاهرا غير متعمق فيه، وهو الاقتصار على ما حكاه القرآن، أو أن تقص عليهم ما أوحى الله إليك وحسب، دون زيادة، من غير تجهيل لهم، ولا تعنيف في الرد عليهم، ولا تسأل أحدا عن قصتهم سؤال متعنت، لأن ذلك خلاف ما وصيت به من المداراة والمجاملة، ولا سؤال مسترشد، لأن الله قد أرشدك، بأن أوحى إليك قصتهم.
ثم لفت الله تعالى نظر نبيه إلى سبب القصة وترك التفويض إلى مشيئة الله، فلا تقولن أيها الرسول لشيء عزمت على فعله في المستقبل: إني سأفعل ذلك غدا، إلا بالاقتران بمشيئة الله عز وجل، فتقول:(إن شاء الله) . واذكر مشيئة ربك إذا نسيت، وقل: إن شاء الله. أي إذا نسيت تعليق الأمر بمشيئة الله، ثم تنبّهت، فتدارك ذلك بذكر الله، طال الوقت أو قصر، ولو بعد سنة ما لم تحنث في اليمين،