الغيب حتى يعلم أنه في الجنة، أو أخذ العهد الموثق من الله بذلك؟ وعهد الله: أن يدخل المؤمن الجنة إذا قال: لا إله إلا الله، وعمل الصالحات. وقوله سبحانه:
أَطَّلَعَ الْغَيْبَ إشارة إلى أن الحصول على علم الغيب أمر صعب شاق لأن الله لا يطلع على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول.
ثم هدد الله تعالى هذا الكافر وأمثاله بقوله: كلا، وهي كلمة ردع وزجر لما قبلها، وتأكيد لما بعدها، ولم ترد في النصف الأول من القرآن، وهذه في سورة (مريم) أول ذكر لها. وقوله:(سنكتب) مع أنه يكتب من غير تأخير، لمحض التهديد من المتوعد.
والمعنى: ليس الأمر كما قال العاص بن وائل وأمثاله، بل سنحفظ ما يقول، فنجازيه في الآخرة، ونزيده عذابا فوق عذابه، ونمده بالعذاب مدا في الدار الآخرة على قوله ذلك، وكفره بالله في الدنيا، مكان ما يطلبه من المدد بالمال والولد، جزاء عمله، وسوف نميته ونرثه المال والولد الذي يقول: إنه يؤتاه، ونسلبه إياه، ويأتينا يوم القيامة فردا، لا مال له ولا ولد، مما كان معه في الدنيا لأنا نسلبه منه، فكيف يطمع أن نعطيه مالا وولدا؟! وهذا المعنى مقرر في آيات أخرى، مثل قوله تعالى: وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ [الأنعام: ٦/ ٩٤] .
ومعنى قوله تعالى: وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ أي هذه الأشياء التي سماها، وقال: إنه يؤتاها في الآخرة، يرث الله ماله منها في الدنيا، بإهلاكه وتركه لها، فالوراثة معنوية، ويحتمل أن تكون خيبته في الآخرة كوراثة ما أمّل. وقال أبو جعفر النحاس:
وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ معناه: نحفظه عليه فنعاقبه، ومنه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم فيما