للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أراد الله أن يتخذ لهوا من زوج وولد ونحوهما، لاتخذه من الملائكة والحور العين، إن قصد اللهو واللعب، ولكنه سبحانه منزه عن صفات المخلوقين.

والله من أجل إعلاء كلمة الحق، أبان الحق، ليدحض به الباطل ويزيله، فإذا هو زائل مبدّد، ذاهب مضمحل، فإذا كان هذا من شأن الله، فكيف لا يبّين الحق، وينذر الناس؟ حتى لا يكون لاهيا لاعبا، ولكم أيها الزاعمون أن لله ولدا الويل، أي الهلاك والدمار، والعذاب الشديد، لوصفكم ربكم بما ليس من صفته، وافترائكم عليه أنه اتخذ صاحبة أو زوجة، وولدا.

وكيف يكون لله شريك خاص؟ وهو مالك جميع من في السموات والأرض، وكيف تتنكرون لطاعته؟ وله جميع المخلوقات ملكا وخلقا وعبيدا؟ كل الخلق ومنهم الملائكة طائعون خاضعون لله، دأبهم الطاعة ليلا ونهارا.

وجميع من عند الله من الملائكة لا يترفعون عن عبادته، ولا يعيون ولا يتعبون ولا يملون. وقوله سبحانه: وَمَنْ عِنْدَهُ العندية ليست مكانية، وإنما هي عندية مكانة وتشريف. وتخصيص الملائكة بالذكر هنا، لإبانة رفعة شأنهم.

إن ملائكة الله الكرام يسبحون الليل والنهار، أي يعبدون الله وينزهونه في الليل والنهار، فهم دائبون في العمل ليلا ونهارا، مطيعون قصدا وعملا، قادرون عليه، لا ينقطعون عن الطاعة، ولا يفترون عنها ساعة، كما جاء في آية أخرى: لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ [التحريم: ٦٦/ ٦] .

وكل هذا الخلق الأعظم وعبادة الملائكة المستمرة لله دليل على استغناء الله تعالى عن طاعة الكفار لأن الله هو المالك لجميع المخلوقات، لا تنفعه طاعة ولا تضره معصية.

<<  <  ج: ص:  >  >>