وسبب نزول الآية: أن غلاما لحويطب بن عبد العزّى سأل مولاه الكتابة، فأبى عليه، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وكاتبه حويطب على مائة دينار، ووهب له منها عشرين دينارا، فأداها، وقتل يوم حنين في الحرب.
ورغب القرآن الكريم السادة في ترك شيء للعبد المكاتب من أقساط الكتابة بقوله تعالى: وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ قال المفسرون: هو أمر لكل مكاتب أن يضع للعبد من مال كتابته. واستحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يكون ذلك ربع الكتابة. وهذا مروي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم حيث
روى عبد الرزاق وغيره عن علي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«يترك للمكاتب الربع» .
ثم نهى الله تعالى المؤمنين عن الكسب الحرام، فذكر: لا تجبروا إماءكم على الزنا، سواء أردن التعفف عنه أو لا، بقصد الحصول على أعواض مادية، وأما قوله سبحانه: إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً فهو قيد لحكاية الحال التي كانت قائمة، وبيان الواقع الذي نزلت الآية بسببه، لما
أخرجه ابن مردويه عن علي رضي الله عنه: أنهم كانوا في الجاهلية يكرهون إماءهم على الزنا، ليأخذوا أجورهن، فنهوا عن ذلك في الإسلام، ونزلت الآية.
وكان عبد الله بن أبي بن سلول يأمر أمته محسيكة أو معاذة بالزنا والكسب به، وإذا كان تشغيل الأمة في البغاء لعوض مالي محرما شرعا، فمن باب أولى أن يكون طلب البغاء مجانا ممنوعا أيضا. وقوله تعالى: عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا في هذه الآية: الشيء الذي تكتسبه الأمة بفرجها.
ومن يقدم على إكراه الإماء على البغاء من غير رضا منهن، فإن الله تعالى بعد إكراههن غفور لهن، رحيم بهن، كما أنه سبحانه غفور للمكرهين إن تابوا وأنابوا.