ويؤتون الزكاة، يخافون عقاب يوم القيامة، الذي تضطرب فيه القلوب والأبصار، من شدة الفزع والهول. ومقصد الآية: هو وصف هول يوم القيامة. ففي ذلك اليوم الرهيب تكون القلوب والأبصار مضطربة قلقة، متقلبة من حذر هلاك إلى حذر، وذلك كما في آية أخرى، مثل قول الله تعالى: إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ [إبراهيم: ١٤/ ٤٢] ، وقوله عز وجل: إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (١٠)[الدهر: ٧٦/ ١٠] .
وذلك ليجزيهم الله الجزاء الأحسن، أي إن كلمة «ليجزيهم» متعلقة بفعل مضمر تقديره: فعلوا ذلك، من أجل أن يثيبهم الله ثوابا يكافئ حسن عملهم، فقوله تعالى: أَحْسَنَ ما عَمِلُوا فيه حذف مضاف، تقديره: ثواب أحسن ما عملوا.
ثم وعدهم الله عز وجل بالزيادة من فضله على ما تقتضيه أعمالهم، فأهل الجنة أبدا في مزيد، قال الله تعالى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ [يونس: ١٠/ ٢٦] .
وقال الله تعالى في الحديث القدسي- فيما رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة:«أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر» .
ثم ذكر الحق تعالى أنه سبحانه واسع الفضل والإحسان، يرزق من يشاء، ويخصه بما يشاء من رحمته، دون حساب ولا تعديد، وكل تفضل لله فهو بغير حساب، وكل جزاء على عمل فهو بحساب، والله على كل شيء قدير، يمنح من غير حدود، ويعطي من يشاء بلا قيود، وهذه النعمة من صفات الله عز وجل، لأن العطاء غير المحدود لا يكون من أحد من البشر أو من المخلوقات، وإنما يكون ممن اتصف بالألوهية، فهو وحده الذي لا تنفد خزائنه، ولا تفنى مصادر غناه.
والخلاصة: إن هاتين الآيتين لتبيان حالة الإيمان والمؤمنين وتنوير الله قلوبهم.