فإذا جاء هؤلاء الجماعة الموقوفون يوم القيامة، يسألهم الله تعالى سؤال توبيخ:
فيقال لهم: كيف كذّبتم بآياتي الدالّة على تحقيق هذا اليوم ولقائه، غير ناظرين بما أعلمتكم به علما تامّا؟ بل ماذا كنتم تعملون، أي بماذا كنتم تشغلون أنفسكم، أو تعملون فيها من تصديق أو تكذيب؟! إنهم حيارى تائهون، لا يجدون جوابا مقنعا، ولا سبيلا للنجاة.
ثم أخبر الله تعالى عن وقوع القول عليهم، أي نفوذ العذاب، وحتم القضاء، وأنهم لا ينطقون بحجة مقنعة، لفقدانهم إياها. حين يحلّ العذاب بأولئك المكذبين بآيات الله، وذلك بسبب ظلمهم، أي تكذيبهم وكفرهم، فيشغلهم عن النطق والاعتذار، كما جاء في آية أخرى: هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦)[المرسلات: ٧٧/ ٣٥- ٣٦] .
ثم أوضح الله تعالى دليلا يثبت التوحيد الإلهي، والحشر، والنّبوة وهو: ألم يعلم هؤلاء المكذّبون بآياتنا أنا خلقنا الليل للسكن والنوم والراحة، وخلقنا النهار مضيئا للعمل، وتقلّب الناس في جلب معايشهم وأرزاقهم، إن في ذلك الإبداع أو الخلق لدلالات وآيات بيّنات على قدرة الله تعالى على إحياء الموتى، وإنجاز البعث بعد الموت، للجزاء والحساب، وعلى توحيد الله تعالى، لقوم يصدقون بالله ورسله.
فمن تأمّل في ظاهرة تعاقب الليل والنهار، والانتقال من حال شبيهة بالموت إلى حال الحركة والحياة، أدرك أن القيامة كائنة، وأن الله سيبعث من في القبور.
وهذه الآية موجهة لجميع المؤمنين والكافرين، فهي في الخطاب لهم جميعا، وفي مجال الانتفاع بها مخصوصة بالمؤمنين، لذا خصّهم الله بالذكر، وجعلهم قدوة حسنة في قبول النصيحة والموعظة، ليكونوا أمام المنكرين والمعاندين مثلا عملية وتجربة رائدة، فهم استعدّوا للإيمان، وتبصّروا بآيات الله، وأيقنوا بوعد الله ووعيده،