وطاعة الله، ونفع الأمة أو المجتمع، والتقرّب إلى الله بأنواع القربات المحققة للثواب في الدار الآخرة، لأن الدنيا لا تغني شيئا.
- ولم يقطعوه عن الدنيا، فقالوا له: لا تترك حظّك من لذّات الدنيا المباحة، من المآكل والمشارب، والملابس والمساكن وغيرها، لكن لا تضيّع عمرك في ألا تعمل عملا صالحا في دنياك، إذ الآخرة إنما يعمل لها في الدنيا، فنصيب الإنسان: عمره وعمله الصالح، فينبغي ألا تهمله، وطلب الحلال مشروع، مع النظر إلى عاقبة الدنيا.
- وأحسن إلى الخلق كما أحسن الله إليك باللّين والمعاملة الحسنة وتحسين السمعة وحسن اللقاء، وفي ذلك جمع بين خصلتي الإحسان: الإحسان الأدبي الرفيع، والإحسان المادّي المقبول، وهذا أمر بصلة المساكين وذوي الحاجة وإتقان الأعمال.
- ولا تقصد الإفساد في الأرض بالظلم والبغي والإساءة إلى الناس، فإن الله تعالى يعاقب المفسدين، ويحول بينهم وبين رحمته وعونه.
لكن قارون أبي سماع هذه المواعظ المتضمّنة اتّقاء الله في مال الله، وأخذته العزة بالإثم، فأعجب بنفسه، وقال لناصحيه: أنا لا أحتاج لما تقولون، فإن الله تعالى إنما أعطاني هذا المال، لعلمه بأني أستحقّه، ولمعرفتي وخبرتي ومهارتي بكيفية جمعه، فأنا له أهل، فأجابه الله تعالى بأنه: أو لم يدر في جملة ما عنده من الدراية والعلم أن الله تعالى قد دمّر من قبله من هو أكثر منه مالا، وأشد قوة، وأعظم مكانة، وأشهر سلطانا ونفوذا، ولا يسأل المجرمون عن كثرة خطاياهم وسيئاتهم حينما يعاقبهم، لأنه تعالى عليم بكل المعلومات، مطّلع على جميع الأقوال والأفعال، فلا حاجة به إلى السؤال سؤال الاستفسار، كقوله الله تعالى: وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [البقرة: ٢/ ٢٨٣] .
وسؤال الاستعتاب، كما قال عزّ وجلّ: هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦)[المرسلات: ٧٧/ ٣٥- ٣٦] . لكن لا مانع من سؤال الكافرين والمفرطين سؤال توبيخ