المعنى: اذكر أيها النبي قصة خلق آدم، حين قال الله تعالى للملائكة: إنني موجد بشرا مخلوقا هو آدم من طين، أي تراب مخلوط بالماء، فإذا أتممت خلقه، بعثت فيه الحياة وأوجدته بأن نفخت فيه من روحي، فاسجدوا له سجود تحية وتكريم، لا سجود عبادة وتأليه وتقديس.
وقوله تعالى: مِنْ رُوحِي إضافة ملك إلى مالك، لأن الأرواح كلها هي ملك لله تبارك وتعالى، وأضيف ذلك إلى الله تشريفا. والنفخ من الروح تمثيل لإفاضة ما تكون به الحياة، فليس هناك نافخ ولا منفوخ.
فامتثل الملائكة أمر الله تعالى، وسجدوا لآدم بأجمعهم لم يبق أحد منهم، وفي آن واحد، لا متفرقين إلا إبليس امتنع متكبرا متعاظما عن السجود، وكان بهذا الرفض أو الامتناع كافرا، من فئة الكافرين، لمخالفته أمر الله تعالى، والخروج عن طاعته.
فقال الله تعالى على سبيل التوبيخ والإنكار: يا إبليس ما الذي منعك من السجود لآدم، الذي توليت خلقه بنفسي، من غير أب ولا أم، هل استكبرت عن السجود الآن، أو كنت من القوم المتعالين عن ذلك في الماضي؟ والمراد: إنكار الأمرين معا، وهما رفض السجود والتعالي عن السجود.
قال إبليس: إنني خير من آدم، فإني مخلوق من نار، وآدم مخلوق من طين، والنار خير وأشرف من الطين في زعمه، لارتفاعها وعلوها، ولأن التراب عنصر راكد هابط، لا ارتفاع فيه. وهذا توهم أن النار أفضل من الطين، وهو قياس فاسد، لا يصلح أمام النص أو الأمر الإلهي بالطاعة والسجود لآدم.
فقال الله تعالى: فاخرج يا إبليس من الجنة أو من السماء، فإنك مرجوم