للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[آل عمران: ٣/ ١١٨- ١٢٠] .

قال ابن عباس ومجاهد: نزلت هذه الآيات في قوم من المؤمنين، كانوا يصافون المنافقين، ويواصلون رجالا من اليهود، لما كان بينهم من القرابة والصداقة، والحلف والجوار والرضاع، فأنزل الله تعالى هذه الآيات، ينهاهم عن مباطنتهم، خوف الفتنة منهم عليهم.

ينهى الله تعالى المؤمنين بهذه الآيات عن أن يتخذوا من الأعداء أخلاء وأمناء، يأنسون بهم في الباطن من أمورهم، ويفاوضونهم في الآراء، ويطمئنون إلى آرائهم ونصائحهم. فإياكم أيها المؤمنون من اتخاذ فئة من غيركم أمناء أسراركم، تطلعونهم على أموركم، وتودونهم، فهم لا يقصرون في إيصال الفساد والشر لكم، ويحرصون على إيقاع الضرر بكم، ويؤيد هذا المعنى

قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما من خليفة ولا ذي إمرة إلا وله بطانتان، بطانة تأمره بالخير وتحضّه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، والمعصوم: من عصم الله» «١» .

هؤلاء الأعداء يتمنون كل شر ومشقة لكم، فإن لم يستطيعوا حربكم وإيذاءكم ودوا من صميم قلوبهم كل فساد وألم وسوء بكم.

ألم تظهر البغضاء لكم والحسد عليكم من فلتات ألسنتهم، وما تخفي صدورهم:

من الحسد وإرادة الشر أكبر وأكثر، قد بينا لكم أيها المؤمنون العقلاء الآيات والعبر التي ترشدكم إلى الخير وتحذركم من الشر، وهذا تحذير خطير وتنبيه شديد يهز النفوس، لتحذر من منافقي اليهود التي نزلت هذه الآيات فيهم لا في منافقي العرب.

إنكم أيها المؤمنون مخطئون في حبهم وإحسان الظن بهم، فهم لا يحبونكم مع أنكم


(١) أخرجه البخاري والنسائي وغيرهما عن أبي سعيد الخدري.

<<  <  ج: ص:  >  >>