يجتمع فيه بنو آدم للعرض والحساب، ويجتمع أهل الأرض بأهل السماء، ذلك اليوم الذي لا شك في حدوثه في نفسه وذاته، ويصير الناس فيه فريقين: فريق في الجنة بسبب إيمانهم بربهم وبرسوله وبكتابه، ولإحسانهم أعمالهم في الدنيا، وفريق آخر في النار، لكفرهم بالله ورسوله وقرآنه.
ولو أراد الله تعالى لجعل الناس جميعا أهل دين واحد، إما مهتدين، وإما ضالين، ولكنهم باختيارهم، اختلفوا على أديان متغايرة، فمن استقام وجاهد نفسه أدخله الله برحمته في جنته، ومن ظلم نفسه وعصى ربه، أدخله الله في النار. وأهل النار: هم الظالمون المشركون، الذين ليس لهم ولي ناصر يدفع عنهم العذاب، وينصرهم وينجيهم من بأس الله تعالى. وهذا يدل على أن الإيمان والكفر بمشيئة الله، ولكن يؤول اختيار الناس إلى أحد المصيرين: إما إلى الجنة وإما إلى النار. وقوله تعالى: فَرِيقٌ خبر مبتدأ مضمر أو محذوف، تقديره: هم فريق في الجنة، وفريق في السعير.
بل في الواقع اتخذ الكافرون آلهة يعبدونها من دون الله، من الأصنام والأوثان وغيرها، زاعمين أنهم أعوان لهم ونصراء، فإن أرادوا الناصر بحق، فالله هو المعين الناصر، لا تنبغي العبادة إلا له وحده، لأنه الخالق الرازق، والضارّ والنافع لمن أراد، وبحسب ما يعلم من استعداد كل إنسان لمراد معين، ولأنه هو القادر الذي تنفع ولايته، وأنه هو الذي يحيي الموتى ويحشرهم إلى الآخرة، ويبعثهم من قبورهم.
وأنه صاحب القدرة المهيمنة على كل شيء.
ثم وجّه الله تعالى إلى أن حل الخلافات بيد الله سبحانه، فما اختلفتم فيه أيها الناس من تكذيب وتصديق، وإيمان وكفر وغير ذلك، فالحكم فيه، والمجازاة عليه