بدخولهم النار، وعوقبوا بما هزئوا به في دار الدنيا: وهو العذاب والنكال. وقوله:
ما كانُوا على حذف مضاف، تقديره: جزاء ما كانوا، أي عقاب كونهم يستهزئون.
والنجاة ميئوس منها،. فيقال لهم: اليوم نعاملكم معاملة الناسي لكم، فنترككم في العذاب، كما تركتم العمل لهذا اليوم، وتجاهلتم ما نزل في القرآن، ومستقركم الذي تأوون إليه هو النار، وليس لكم من أنصار، ينصرونكم ويمنعون عنكم العذاب، وبعبارة أخرى: نترككم كما تركتم لقاء يومكم هنا، فلم تستعدوا ولم تتأهبوا له، فسميت العقوبة في هذه الآية باسم الذنب.
والمأوى: الموضع الذي يسكنه الإنسان، ويكون فيه عامة أوقاته.
وأسباب هذا العقاب: أنكم اتخذتم القرآن هزوا ولعبا، وخدعتكم الدنيا بزخارفها وزينتها، فاطمأننتم إليها، فاليوم لا يخرجون من النار، ولا يطلب منهم العتبى، بالرجوع إلى طاعة الله، واسترضائه، لأنه يوم لا تقبل فيه التوبة، ولا تنفع فيه المعذرة، لفوات الأوان، والله وحده هو القادر على البعث، فله الحمد الخالص على النعم الكثيرة لله خالق السماوات والأرض ومالكهما، ومالك ما فيهما من إنس وجن وحيوان، وأجسام وأرواح، وذوات وصفات.
ولله العظمة والجلال في أرجاء السماوات والأرض، وهو سبحانه القوي الغالب القاهر في سلطانه، فلا يغالبه أحد، الحكيم في أقواله وأفعاله. وهذا تحميد لله تعالى، وتحقيق لألوهيته، وإبطال لألوهية الأصنام، جاء في الحديث الثابت الذي
أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم:«يقول الله تعالى: العظمة إزاري والكبرياء ردائي، فمن نازعني واحدا منهما، أسكنته ناري»