الله أن يخفف عن نبيّه، فأنزل: إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً
فلما نزلت، صبر كثير من الناس، وكفّوا عن المسألة، فأنزل الله بعد ذلك: أَأَشْفَقْتُمْ الآية.
والمعنى: يا أيها الذين صدّقوا بوجود الله وتوحيده، وصدقوا برسالة رسوله، إذا أردتم مناجاة النّبي صلّى الله عليه وسلّم أو مساررته في أمر من أموركم، فقدّموا قبل المناجاة صدقة، تصدّقوا بها، لتعظيم النّبي صلّى الله عليه وسلّم، والتّخفيف عنه، ونفع الفقراء. ذلك، أي تقديم الصدقة قبل المناجاة، خير لكم، لما فيه من طاعة الله وامتثال أمره، والثواب الأخروي، وأزكى لنفوسكم بتطهيرها من الشّح والبخل وحبّ المال، ونفع الفقراء، فإن لم يجد أحدكم تلك الصدقة، فلا حرج عليكم بالمناجاة بدون صدقة، والله واسع المغفرة والرحمة لأهل الطاعة.
ثم رفع الله تعالى الحكم السابق بقوله: أَأَشْفَقْتُمْ أي أخفتم الفقر من تقديم الصدقات قبل مناجاة نبيّكم صلّى الله عليه وسلّم، قال مقاتل: إنما كان ذلك عشر ليال، ثم نسخ، بما يلي.
ومعناه: وحين لم تفعلوا ما أمرتكم به من الصدقة قبل النجوى لثقلها عليكم، ورخّص الله لكم في الترك والمناجاة من غير صدقة، فثابروا واثبتوا على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وإطاعة الله ورسوله، والله خبير محيط بأعمالكم، فمجازيكم عليها.
وليس في الآية ما يدلّ على وقوع تقصير من الصحابة في تقديم الصدقة، فقد يكون عدم الفعل، لأنهم لم يناجوا. ولا يدلّ قوله:«فتاب عليكم» على أنهم قصّروا، لأن المعنى أنه تاب عليهم برفع التكليف عنهم تخفيفا، ومثل هذا يمكن التعبير عنه بالتوبة.