البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت- كما تقدم-: فمن أقرّ بهذا الشرط من المؤمنات، قال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«قد بايعتك» كلاما، ولا والله ما مسّت يده يد امرأة في المبايعة قط، ما يبايعهن إلا بقوله:«قد بايعتك على ذلك» .
وأخرج عبد الرزاق وأحمد والنّسائي وغيرهم عن أميمة بنت رقيقة:«.. قلن: يا رسول الله، ألا تصافحنا؟ قال: «إني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة» . وفي لفظ آخر:«إني لا أصافحكن، ولكن آخذ عليكن ما أخذ الله» .
ثم أكّد الله تعالى النّهي عن موالاة الكفار الأعداء كما بدأ سورة الممتحنة، فقال:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً.. أي يا أيها المؤمنون برسالة الإسلام لا تتخذوا اليهود والنصارى وسائر الكفار ممن غضب الله عليهم، ولعنهم، واستحقّوا الطرد والإبعاد من رحمته أنصارا وأصدقاء، وقد يئسوا من ثواب الآخرة ونعيمها في حكم الله عزّ وجلّ، وأصبحوا لا يوقنون بالآخرة، بسبب كفرهم وعنادهم، كيأس ذلك الكافر من الرحمة في قبره، وذلك لأنه قد رين (غطّي) على قلوبهم، وحملهم الحسد على ترك الإيمان، وغلب على ظنونهم أنهم معذّبون، وهذه كانت صفة كثير من معاصري النّبي صلّى الله عليه وسلّم. وقوله تعالى: قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ القوم: إما كفار قريش في رأي ابن عباس، ويكون معنى قوله تعالى: كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ كما يئس بقية الكفار في قبورهم من لقاء بعضهم بعضا، لأن اعتقاد أهل مكة في الآخرة كاعتقاد الكافر في البعث ولقاء موتاه. وإما أن المراد بهم هم اليهود في رأي ابن زيد والحسن البصري ومنذر بن سعيد، ويكون معنى قوله تعالى: كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ: كما يئس الكفار من الرحمة إذا مات وكان صاحب قبر.
والآية نزلت، كما أخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال: كان عبد الله بن عمر، وزيد بن الحارث يوادّان رجلا من يهود، فأنزل الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الآية.