وجه التقريع والتوبيخ: هذا هو الذي كنتم في الدنيا تطلبونه، وتستعجلون به استهزاء، وهذا هو جوابكم لرسولكم: فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [الأحقاف: ٤٦/ ٢٢] .
ثم إن أولئك المشركين تمنّوا موت الرسول صلّى الله عليه وسلّم،
روي أن كفار مكّة، كانوا يدعون على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعلى المؤمنين بالهلاك، فنزلت الآية الكريمة: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ..
وهذا هو الأمر الثاني الذي حكاه الله عن الكفار المشركين بعد تخويفهم بعذاب الله، إنهم طالبوا أولا بتعيين تاريخ القيامة، ثم دعوا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعلى المؤمنين بالهلاك، فأجابهم الله تعالى من وجهين:
أولا: قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله ربّهم، الجاحدين نعمه: أخبروني عن أي فائدة أو نفع لكم، أو راحة فيما إذا أهلكني الله بالإماتة، أو رحمني بتأخير الأجل، أنا ومن معي من المؤمنين، فلو فرض أنه وقع بنا ذلك، فلا ينجي الكافرين أحد من عذاب الله، سواء أمات الله رسوله ومن آمن معه، أو أمهلهم، وإنما الذي ينفعكم هو الإيمان فقط.
ثانيا: قل لهم: إن الذي نجانا نحن هو الإيمان بالله الرحمن، والتوكّل عليه فقط، والتوكّل: تفويض الأمر كله لله عزّ وجلّ.
وأما أنتم إذا بقيتم على ما أنتم عليه من الكفر والضلال، فستعلمون غدا، وستدركون من الذي كان في خطأ كبير واضح، منا أو منكم، وستعرفون لمن العاقبة الحسنة في الدنيا والآخرة. وفي هذا تعريض بالكفار أنهم يتّكلون على الرجال والأموال.
والدليل الواضح على وجوب التوكّل على الله لا على غيره: أنه هو مصدر جميع