بمثلها، كما قال الله تعالى: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها [الشورى: ٤٢/ ٤٠] . وقوله:
جَزاءً وِفاقاً (٢٦) معناه: لأعمالهم وكفرهم، أي هو جزاؤهم الجدير بهم، الموافق مع التحذير لأعمالهم، فهي كفر، والجزاء نار.
- إنهم اقترفوا الأعمال السيئة، والقبائح المنكرة، لأنهم لا يطمعون في ثواب، ولا يخافون من حساب، لأنهم كانوا لا يؤمنون بالبعث، وقوله: إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً (٢٧) معناه لا يتوقعون ولا يخافون حسابا، أي إنهم كانوا لا يصدقون بالحساب، فهم لذلك لا يرجونه ولا يخافونه، وهو علة التأبيد في العذاب.
وإن الله تعالى يعلم بجميع أعمال العباد، فكتبها أو دوّنها عليهم سلفا الحفظة من الملائكة كتابة تامة شاملة، ومحصاة إحصاء منضبطا، ويكون المكتوب المسجل سابقا، مطابقا لما تكتبه الملائكة من الأعمال، وسيجزيهم الله تعالى على ذلك جزاء مناسبا، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. وقوله: كِتاباً مصدر وضع في موضع إحصاء.
وقوله: وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ يراد به: كل شيء شأنه أن يحصى، وفي هذا الخبر ربط لأجزاء القصة بأولها، أي هم مكذّبون كافرون، والله أحصى ذلك بالقول لهم في الآخرة، وقوله تعالى: وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً (٢٩) قال أبو حيان في البحر المحيط: عام مخصوص، أي كل شيء مما يقع عليه الثواب والعقاب، وهي جملة اعتراضية.
ويقال لهم أثناء التعذيب تقريعا وتوبيخا: فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً (٣٠) أي يقال لأهل النار، بسبب الكفر والتكذيب بالآيات، وقبح الأفعال: ذوقوا ما أنتم فيه من العذاب الأليم، فلن نزيدكم إلا عذابا من جنسه، قال عبد الله بن عمرو (وفي البحر المحيط: ابن عمر) : لم ينزل على أهل النار آية أشد من هذه الآية: فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً (٣٠) أي فهم في مزيد من العذاب أبدا.
إن أوصاف يوم القيامة المرعبة، الفاصلة في مصائر الناس، وما يعقبها من