الزيت، وبموضعهما، وبجبل الطور الذي كلم الله عليه موسى بن عمران عليه السّلام، في بلاد الشام، وهو طور سيناء. وبهذا البلد الآمن الأمين وهو مكة المكرمة، لأنه آمن ومأمون فيه، كما قال الله تعالى: وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً [آل عمران: ٣/ ٩٧] .
أقسم الله سبحانه بهذه المواضع الثلاثة، لأنها مهابط الوحي الإلهي على الرسل الكرام أولي العزم. والقسم بها تنويه بشأنها.
ذكر القرطبي في تفسيره عن أبي ذر: أنه أهدي للنبي صلّى الله عليه وسلّم سل تين، فأكل منه، وقال: «لو قلت: إن فاكهة نزلت من الجنة قلت: هذه، لأن فاكهة الجنة بلا عجم (نوى) فكلوا، فإنه يقطع البواسير، وينفع من النقرس» .
وجواب القسم: أننا خلقنا الإنسان في أحسن صورة وأجمل شكل، وأبدع تكوين، والمراد: جمال الخلقة والتكوين والتركيب، والتميز بالعقل والفكر، والتدبير والحكمة، وانتصاب القامة، فجميع هذه الأشياء هو حسن التقويم، وليس المراد الجمال الظاهري.
ولم ير قوم الحنث على من حلف بالطلاق أن زوجته أحسن من الشمس أو أجمل من القمر.
ثم جعلناه بعد حسن التركيب إلى النار التي هي أسفل الدرجات إن لم يطع الله ويتبع الرسل، أو أننا رددناه أحيانا في آخر العمر إلى الهرم، وذهول العقل، وتغلب الكبر، حتى يصير لا يعلم شيئا.
وعلى التفسير الأول: يكون قوله تعالى بعدئذ: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا.. استثناء متصلا، وعلى التفسير الثاني: يكون ذلك استثناء منقطعا.
إن مصير أكثر الناس إلى النار، على التفسير الأول، إلا المؤمنين العاملين عملا صالحا، بأن جمعوا بين الإيمان والعمل في حال الاستطاعة، فلهم ثواب جزيل،