للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أوضح الله تعالى عموم فضله وكثرة نعمه بقوله: عَلَّمَ الْإِنْسانَ.. أي علّم الله تعالى الإنسان بالقلم كثيرا من الأمور والمعارف، ما لم يعلم بها سابقا.

ثم ردع الله الإنسان على طغيانه في حال الغنى، فقال: كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ أي ردعا وزجرا لك أيها الإنسان عن كفرك بنعمة الله عليك، وتجاوزك الحد في العصيان، لأن رأيت نفسك مستغنيا بالمال والقوة والأعوان.

أخرج أحمد ومسلم والنسائي وابن المنذر وغيرهم عن أبي هريرة قال: قال أبو جهل:

هل يعفّر محمد وجهه بين أظهركم؟ فقيل: نعم، فقال: واللات والعزى، لئن رأيته يفعل لأطأن على رقبته، ولأغفرن وجهه في التراب، فأنزل الله: كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى (٦) الآيات.

وجاء بعد ذلك الإنذار بالعقاب الأخروي في قوله تعالى: إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى

(٨) أي إن الرجوع والمصير إلى الله وحده، لا إلى غيره، أي الحشر والبعث يوم القيامة، فهو الذي يحاسب كل إنسان على ماله، من أين جمعه، وأين أنفقه، والرجعى: مصدر كالرجوع. وقد جاء هذا بطريق الالتفات من الغيبة إلى الخطاب، تهديدا للإنسان، وتحذيرا له من عاقبة الطغيان.

وأحوال الطغاة قبيحة جدا هي: النهي عن الصلاة وغير ذلك، ومعنى الآية:

أخبرني عن حال هذا الطاغية المغرور وهو أبو جهل وأمثاله، كيف يجرأ على أن ينهى عبدا هو محمد صلّى الله عليه وسلّم من أداء الصلاة وعبادة الله، وتحويله إلى عبادة الأوثان، وترك عبادة الخالق الرازق؟!

أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلي، فجاءه أبو جهل، فنهاه، فأنزل الله: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى (٩) عَبْداً إِذا صَلَّى (١٠) إلى قوله: ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ

(١٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>