للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العيوب، لا يخالطها لون آخر غير الصفرة، قالوا: إنك الآن جئت بإظهار الحقيقة الواضحة، فطلبوها، فلم يجدوها إلا عند يتيم صغير بارّ بأمه، فساوموه، فتغالى، حتى اشتروها بملء جلدها ذهبا، وما كان امتثالهم قريب الحصول.

واذكروا أيها اليهود المعاصرون حين قتل أسلافكم نفسا، وأنتم تنتسبون إليهم، راضون بفعلهم، وأسند القتل للأمة والقاتل واحد، لتضامن الأمة، وهي في مجموعها كالشخص الواحد، فيؤخذ المجموع بجريرة الواحد. وفيه توبيخ ولوم. وكنتم تتخاصمون وتتدافعون في شأن القتل، فكل واحد يدرأ القتل عن نفسه، ويدّعي البراءة، ويتّهم سواه، والله مظهر حتما ما كنتم تكتمونه وتسترونه من أمر القتل.

فقلنا لكم: اضربوا القتيل ببعض أجزاء البقرة المذبوحة، فضربوه، فأحياه الله، وأخبر عن القتلة، ومثل ذلك الإحياء العجيب، يحيي الموتى يوم القيامة، فيجازي كل إنسان بعمله، وكذلك يريكم الله آياته الواضحة الدّالة على صدق القرآن والنّبي، الذي يخبر بالغيبيات، لكي تعقلوا وتؤمنوا بالله ورسوله.

ثم قست قلوبكم وامتنعت عن قبول الحق، فهي تشبه الحجارة في الصلابة، بل هي أشد قسوة منها، لأن بعض الحجارة قد يتفجر الماء منه، ويسيل أنهارا تحيي الأرض وتنفع النبات، وقد يتشقق بعضها، فيسيل منها ماء، يكون عينا لا نهرا، وفي هذه منفعة للناس، وقد يتساقط بعضها من أعالي الجبال، بالرياح الشديدة ونحوها من الزلازل، فتكسر الصخور، وتدمّر الحصون، وليس في هذا منفعة للناس.

ولكن لم يزدد اليهود إلا عنادا وفسادا، والله تعالى حافظ لأعمالهم ومحصيها لهم، ثم يجازيهم بها، ولا يغفل عن شيء منها، صغيرا كان أو كبيرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>