الأمثلة من أنواع الشفاعة السيئة، ومن شفع شفاعة سيئة فقد وقع في الإثم الكبير وعرّض نفسه لسخط الله تعالى.
ومن الطريف أن آية الشفاعة جاء بعدها آية التحية، والتحية نوع من الشفاعة الحسنة لأنها تقرب الناس بعضهم من بعض، وتنشر المحبة وتقوي أواصر المودة، وتقتلع الأحقاد وسوء التفاهم، وتمنع التحية شرا كبيرا أو تآمرا عظيما إذا توافرت النيات الحسنة، واستنارت القلوب بنور الإيمان الحق بالله ورسله وكتبه.
وآداب وواجبات التحية كثيرة منها أن الواجب ردها بأحسن منها أو بمثلها، فإذا حيّا الإنسان أخاه بقوله: مرحبا أو السلام عليكم أجابه بقوله: مرحبا وأهلا وسهلا، أو بقوله:(وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته) وإحسان الرد يكون أيضا بزيادة معنوية طيبة كريمة كالبشاشة وحسن الاستقبال وكرم الضيافة والسؤال عن الحال والأهل والعمل، والله سبحانه يحاسب على كل شيء ويمنح الفضل والرحمة والثواب على كل خير من التحية أو ردها، والضيافة والبشاشة وترك التجهم والعبوس في وجوه الآخرين،
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه مسلم وغيره:«والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم» .
وجاء في نهاية آية التحية بيان جزائها فقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً أي يحاسبكم على كل شيء من التحية وغيرها.
ثم كانت الآية الثالثة متوّجة أعمال الناس بضرورة اللجوء إلى الله وحده، ومحددة لهم المقاصد الحسنة في الدنيا، ومحذرة لهم من حساب الآخرة: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وهذه الآية تقرر ركنين أساسيين للدين وهما: إثبات توحيد الله، فهو الذي يقصد بحق في كل عمل، وإثبات البعث والجزاء في الآخرة لحمل الناس على الاستعداد للقاء الله بالأعمال الصالحة، لأن الله يجازي كل عامل بعمله.