يؤمنون أحيانا بالله ورسوله، ثم يكفرون، ثم يؤمنون ثم يكفرون، ثم يزدادون كفرا ويتغالون ويتمادون في الكفر، ثم يموتون على الكفر، فهؤلاء طبعا وعقلا وشرعا لا يغفر الله لهم، ولا يرشدهم ولا يهديهم إلى الخير.
وأنذر يا محمد هؤلاء المنافقين بأن لهم عذابا مؤلما في الدّرك الأسفل من النار، وإنما قال الله: بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ والمراد أنذر، وذلك على سبيل التّهكم بهم.
ومن صفات المنافقين أيضا: أنهم كانوا يتخذون الكافرين أولياء وأنصارا وأعوانا، ويتجاوزون ولاية المؤمنين ويتركونها، ظنّا منهم أن الغلبة ستكون للكفار، ولم يدروا أن العاقبة للمتقين لأن الله معهم، أيطلبون الاعتزاز والاستكثار بالكفار؟ ليس الأمر كذلك، لقد كذبوا وافتروا، بل العزة كلها لله، أي القوة والمنعة والمجد لله في الدنيا والآخرة، وهو يؤتيها من يشاء، والمراد أن العزة في النهاية تكون لأولياء الله الذين كتب لهم العز والغلبة والنصرة على الأعداء.
ثم حذّر الله جميع الناس من تجاوز آيات الله وأحكامه، فقد أنزل الله على جميع من أظهر الإيمان من محقق صادق ومنافق كاذب أنه ينبغي عليهم عند سماع الاستهزاء بآيات الله والكفر بها أن لا يجلسوا في مجالس الكافرين، ولا يتكلموا معهم حتى يتحدثوا في حديث آخر، فإنهم إن جلسوا في هذه المجالس، كانوا شركاء في الكفر، لرضاهم بكلامهم، وسكوتهم عن إنكار منكرهم، كما قال الله تعالى في آية أخرى: