للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النساء: ٤/ ١٦٠- ١٦٢] .

يخبر الله تعالى أنه بسبب ظلم الذين هادوا بما اقترفوا من آثام عظيمة، ومنكرات قبيحة، وبسبب صدّهم الناس وأنفسهم عن اتّباع الحق، حرّم الله عليهم طيّبات كانت حلالا لهم، لعلهم يرجعون إلى جادة الاستقامة وطريق الهداية القويمة. لقد حرّم الله عليهم كل ما له ظفر من الحيوانات كالإبل والأوز والبط، وحرّم عليهم شحوم الأبقار والأغنام، قال الله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا «١» أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (١٤٦) [الأنعام: ٦/ ١٤٦] أي إنما حرّمنا عليهم ذلك، لأنهم يستحقون التحريم بسبب بغيهم وطغيانهم ومخالفتهم رسولهم واختلافهم عليه.

ومن ألوان ظلمهم: صدّهم أنفسهم وغيرهم من الناس عن الإيمان بالله، وعنادهم وعصيانهم موسى عليه السّلام، وأمرهم بالمنكر، ونهيهم عن المعروف، وكتمانهم البشارة بالنّبي محمد صلّى الله عليه وسلّم، وجحدهم أمره وإنكارهم رسالته.

ومن مظالمهم: أخذهم الرّبا الذي نهاهم الله عنه على ألسنة أنبيائهم، والرّبا: هو بيع الدرهم بدرهمين إلى أجل في المستقبل، ونحو ذلك مما هو مفسدة ومضرّة واستغلال، نهوا عن ذلك، فاحتالوا عليه بأنواع الحيل، وأكلوا أموال الناس بالباطل كالرّشاوى والخيانات وأنواع الغشّ والنّصب وغير ذلك مما لا مقابل له، كما قال الله تعالى يصفهم: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ [المائدة: ٥/ ٤٢] والسّحت: المال أو الكسب الحرام.


(١) أي الأمعاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>