بعض الناس بهذه الآية على مشروعية الاستغاثة والتّوسل بالصالحين، وجعلهم وسطاء ووسائل بينهم وبين الله تعالى. ولكن الله لا يحتاج إلى هذه الوسائل والوسائط لقوله سبحانه: وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ. [غافر: ٤٠/ ٦٠] وقوله عزّ وجلّ: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦)[البقرة: ٢/ ١٨٦] وقوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦)[ق: ٥٠/ ١٦] .
وتحقيق القول في التّوسل ما ذكره الألوسي في تفسيره حيث قال: جاء لفظ التوسل بثلاثة معان:
أولا- التوسل بمعنى التّقرب إلى الله بطاعته وفعل ما يرضيه، وهو المراد بالآية وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ. وقد توسّل أهل الصخرة الثلاثة إلى الله عزّ وجلّ بصالح الأعمال، أي طلبوا الفرج بصلاح أعمالهم، لا بالولي الفلاني أو الشيخ الفلاني.
ثانيا- التّوسّل بالمخلوق والاستغاثة، بمعنى طلب الدعاء منه، لا شك في جوازه، إن كان المطلوب منه حيّا، كالتّوسل بالنّبي صلّى الله عليه وسلّم حال حياته، أو بعمّه العباس في صلاة الاستسقاء. أما إذا كان المطلوب منه الدعاء ميتا أو غائبا فغير جائز.
ثالثا- القسم على الله تعالى بأحد من خلقه، مثل أن يقال: اللهم إني أقسم عليك، أو أسألك بفلان إلا ما قضيت لي حاجتي. أجازه العزّ بن عبد السّلام في النّبي صلّى الله عليه وسلّم، لأنه سيّد ولد آدم، دون غيره من الأنبياء والملائكة والأولياء، ومنع أبو حنيفة وأبو يوسف وابن تيمية التّوسل بالذات والقسم على الله تعالى بأحد من خلقه.