للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الصلاة بالأذان، اتّخذوا النّداء والصلاة هزوا ولعبا، فقالوا: قد قاموا لا قاموا، إلى غير هذا من الألفاظ التي يستخفّون بها في وقت الأذان وغيره. وفعلهم هذا لأنهم لا يعقلون معاني عبادة الله وشرائعه، وهم أشبه بالشيطان الذي يفرّ ويدبر إذا سمع الأذان.

ولكنهم مع الأسف لا يقدّرون تأثير الأذان في القلوب، وتطهير النفوس وتزكيتها وربطها بعظمة الله وكبريائه، وتذكيرها بضرورة الخوف من الله في السّر والعلن.

ثم أمر الله تعالى نبيّه صلّى الله عليه وسلّم أن يقول لأهل الكتاب: هل تعدّون ذنبا أو نقيصة إيماننا الثابت الراسخ بالله ورسله، وإيماننا بما أنزل إلينا وبما أنزل من الكتب السابقة على الرّسل الكرام، والحق أنهم بهذا الهزء واللعب أكثرهم فاسقون، أي خارجون عن حدود الدين الصحيح والرأي السليم والعقل الرشيد. وليس لهم من الدّين إلا التّعصب والحقد، والمظاهر والتقاليد الجوفاء.

ثم أجابهم الله تعالى عن استهزائهم، فقل لهم يا محمد: هل أخبركم أيها المستهزئون بديننا، الواصفون ديننا بأنه شرّ، إنه لا شرّ ولا ضلال أشدّ من دين الملعونين الذين لعنهم الله وغضب عليهم بسبب سوء أفعالهم، وطردهم من رحمته، وغضب عليهم غضبا أبديا، وجعل منهم القردة والخنازير، وأطاع الشيطان، وعبد الأصنام والعجل، أولئك المتّصفون بتلك الصفات من الأجداد والأحفاد شرّ مكانا مما تظنون بنا لأن مكانهم النار، وهم أضلّ الناس عن طريق الاستقامة والاعتدال والحق الواضح.

وبلغ من سوء الأعداء وخاصة المنافقين منهم أن الكفر ملازم لهم، فإذا جاؤوا إلى الرسول والمؤمنين، قالوا: آمنّا بالرّسول وبما أنزل عليه، والحال أنهم دخلوا وهم كفار، وخرجوا كذلك، لم تنفعهم الموعظة، ولم يؤثر فيهم التذكير، والله أعلم بما

<<  <  ج: ص:  >  >>