وهو شرع الإسلام: هو طريق ربّك السّوي الذي ارتضاه للناس واقتضته الحكمة، لا زيغ ولا انحراف فيه، وهو العلاج المفيد والدواء النافع لكل داء، كما قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم في وصف القرآن- فيما يرويه التّرمذي وأحمد عن علي-: «هو صراط الله المستقيم، وحبل الله المتين، وهو الذّكر الحكيم، والنّور المبين» .
فما عليكم أيها المؤمنون إلا اتّباعه إن أردتم النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة، قد وضحنا الآيات وبيّنّاها لقوم لهم فهم ووعي يعقلون عن الله ورسوله..
ولهؤلاء القوم الفاهمين الملتزمين طريق الشّرع: دار السلامة والطمأنينة وهي الجنة، يوم القيامة، والله متولّي أمورهم وكافيهم، جزاء على صالح أعمالهم.
واذكر أيها النّبي فيما نقصّه عليك، يوم نحشر الإنس والجنّ جميعا ونقول: يا جماعة الجن قد استكثرتم من إغواء الإنس وإضلالهم، فيجيب الإنس الذين أطاعوا الجنّ واستمعوا إلى وسوستهم وتولّوهم: ربّنا انتفع كلّ منا بالآخر، انتفع الإنس بالشياطين حيث دلّوهم على الشهوات وعلى أسباب التّوصل إليها، وانتفع الجنّ بالإنس حيث أطاعوهم وساعدوهم على مرادهم، وبلغنا أجلنا الذي أجّلت لنا، أي الموت أو يوم البعث والجزاء، اعترفنا بذنوبنا، فاحكم فينا بما تشاء، وأنت أحكم الحاكمين، ولقد أظهرنا الحسرة والنّدامة على ما فرّطنا في الدّنيا.
فأجابهم الله الحق تعالى بقوله: النار مأواكم ومنزلكم أنتم وإياها وأعوانكم، وأنتم ماكثون فيها مخلدون على الدوام، إلا من شاء الله من الخروج خارج النار لشرب الحميم، أو الانتقال من عذاب النار، إلى عذاب الزمهرير، وفي كلا الحالين انتقال من عذاب إلى عذاب. وهذا معنى قوله تعالى: إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ. وقال ابن عباس فيما رواه ابن جرير الطّبري وغيره:«إن هذه الآية آية لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه، ولا ينزلهم جنّة ولا نارا» .